يَرى اليهود أن موسى نبي الله، وأن بني إسرائيل شعبه المختار، وأن عيسى ومحمداً كليهما رجلان كاذبان ليست لهما رسالة، وأن أتباعهما قطعان من المضللين، لا يُقام لأديانهم وزن ولا يمنحون أية حُرمة...
قد يَظن شخصٌ ممن يخبطون الأحكام جزافاً أن الشمس لا تَعدو شبراً في شبر، وعُذره أنها تبدو في رأي العين كذلك، فهل تتحول الشمس إلى كرة قدم لأن ذهن واحد أو جماعة مِن الناس ضَاق عن ضخامتها الهائلة وبُعدها السحيق؟ لا
عندما يتحول العالم إلى ليل ضرير طامس، لا تَلوح فيه نجمة هادية، ولا تسمع فيه كلمة مؤنسة، فإن حاجة الناس فيه إلى الدليل الخبير والرائد البصير لا تُقدَّر. عندما تشيع الخرافات وتستقر الأوهام، وتركض الجماهير إلى غير هدف أو إلى هدف باطل، فإن حاجتها إلى الغاية الصَّادقة والطريق المستقيم لا تُقدَّر.
يا رسول الله، كل مؤمن مَدين لك بنور الإيمان الذي طهر نفسه وزكاها، صلى عليك الله كم جاهدت دون هذه الرسالة الكريمة، وكم حرصت على ألا يضيق برسالتك صدر، وألا يحرم من هدايتك قلب، وكم حزنت أن ترى المؤمنين مِن حولك قلة...
التوبة كلمة شائعة على الألسنة، وكأن تداولها على الألسنة أمر هَيِّن، مع أن دلالة الكلمة تجعلها أخطر مِن أن يُجازَف بها, هل يَلغو الإنسان فيقول: بنيت قصراً؟ أو يَلغو فيقول: ألّفت كتاباً؟
ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات نافذة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات القصيرة المدى والطويلة المدى ليتخلص من هذه الهِنَّات التي تزري به.
هناك فلاسفة من الشرق والغرب ظلموا الإسلام عندما قالوا: (إن الدِّين يُعلق أتباعه بالدار الآخرة، ويَصرف أفكارهم إلى نَواحٍ غيبية مُبهمة، ويُبدد قواهم وراء العمل للدار التي يتوهمون أنهم يُحشرون فيها أو يعودون إلى ربهم فيها، وذلك كله على حساب علاقتهم بهذه الأرض ومن فيها وما فيها...
هناك سؤال وجيه يطرح نفسه: هل يَستغني الأحياء عن الصبر؟ لا, إنه لازم لكيانهم المعنوي لزوم الماء أو الهواء لكيانهم المادي، نعم قد تَستغني الدواب عن هذا الخلق، لأنها تحيا وفق هواها وتسيرها طباعها وحدها...
اتفقت رسالات السماء جميعاً على أن الناس سواسية، يردهم أصل الخلق إلى عنصر واحد، ويرجع أنسابهم على اختلاف الأمكنة إلى أب واحد، ويخضعون لواجبات وأحكام واحدة...
الإخاء هو صلة الأمة بعضها بالبعض الآخر، فقد أقام النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع الإسلامي على الإخاء الكامل، الإخاء الذي تُمحى فيه كلمة "أنا"، ويتحرك الفرد فيه بروح الجماعة ومصلحتها وآمالها، فلا يَرى لنفسه كياناً دونها ولا امتداداً إلا فيها...