الخوف مِن الله عاطفة تنبع من حسن معرفته وكمال العلم به، فهي ليست وجلاً مُبهماً، إنها شعور بجلال الخلاق العليم، وما ينبغي إكنانه له مِن مهابة وتعظيم، وكيف لا يُخشى جبار السموات والأرض..
ما أغزر النعم التي تنهمر على الناس في ليلهم ونهارهم من المهد إلى اللحد، وهي نعم لو قدروها حق قدرها أو أحسنوا استغلالها لَمُلئت قلوبهم بالحمد وأُطلقت ألسنتهم بالثناء.
إن محمداً بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ما نُنكر هذا، وما يزيد في هذا أو ينقص عن إخوانه النبيين، ولا عن أهل الأرض أجمعين، لكن هذا البشر ظل يَرقى في مدارج الكمال حتى بلغ شأوً مِن سناء القلب واللُّب وجلال الخلق لم يُعرف لأحد من المستقدمين والمستأخرين...
يَرى اليهود أن موسى نبي الله، وأن بني إسرائيل شعبه المختار، وأن عيسى ومحمداً كليهما رجلان كاذبان ليست لهما رسالة، وأن أتباعهما قطعان من المضللين، لا يُقام لأديانهم وزن ولا يمنحون أية حُرمة...
قد يَظن شخصٌ ممن يخبطون الأحكام جزافاً أن الشمس لا تَعدو شبراً في شبر، وعُذره أنها تبدو في رأي العين كذلك، فهل تتحول الشمس إلى كرة قدم لأن ذهن واحد أو جماعة مِن الناس ضَاق عن ضخامتها الهائلة وبُعدها السحيق؟ لا
عندما يتحول العالم إلى ليل ضرير طامس، لا تَلوح فيه نجمة هادية، ولا تسمع فيه كلمة مؤنسة، فإن حاجة الناس فيه إلى الدليل الخبير والرائد البصير لا تُقدَّر. عندما تشيع الخرافات وتستقر الأوهام، وتركض الجماهير إلى غير هدف أو إلى هدف باطل، فإن حاجتها إلى الغاية الصَّادقة والطريق المستقيم لا تُقدَّر.
يا رسول الله، كل مؤمن مَدين لك بنور الإيمان الذي طهر نفسه وزكاها، صلى عليك الله كم جاهدت دون هذه الرسالة الكريمة، وكم حرصت على ألا يضيق برسالتك صدر، وألا يحرم من هدايتك قلب، وكم حزنت أن ترى المؤمنين مِن حولك قلة...
التوبة كلمة شائعة على الألسنة، وكأن تداولها على الألسنة أمر هَيِّن، مع أن دلالة الكلمة تجعلها أخطر مِن أن يُجازَف بها, هل يَلغو الإنسان فيقول: بنيت قصراً؟ أو يَلغو فيقول: ألّفت كتاباً؟
ما أجمل أن يعيد الإنسان تنظيم نفسه بين الحين والحين، وأن يرسل نظرات نافذة في جوانبها ليتعرف عيوبها وآفاتها، وأن يرسم السياسات القصيرة المدى والطويلة المدى ليتخلص من هذه الهِنَّات التي تزري به.