الجمعة 12 جمادى الثانية 1446 - 13 ديسمبر 2024 , آخر تحديث : 2024-12-12 09:26:45 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar
رقم الفتوى : 565   |   تاريخ المشاركة : 2017/10/08 الساعة 01:10
عنوان الفتوى : الكحول الإيثيلي

لدي إشكالية كبيرة تتعلق بالكحول، فقد ثبت علميًا أن الكحول الإيثيلي، وهو العنصر المسبب للإسكار، موجود في كثير من مأكولاتنا ومشروباتنا ومستحضرات التجميل التي نستخدمها في حياتنا اليومية، وهو ما خلصتُ إليه بعد رحلة بحث طويلة في المراجع الأجنبية، والدراسات العلمية، وأبحاث المجامع الفقهية الطبية:r(١) الخميرة التي نستخدمها في إنتاج الخبز تنتج ثاني أكسيد الكربون وكحول إيثيلي. وأثبتت الدراسات العلمية أن جزءًا من هذا الكحول يتبخر بفعل الحرارة، [أثناء الخَبز]، ولكن تتبقى نسبة أخرى من الكحول بعد الخَبز. [فحسب إحدى الدراسات الأجنبية، نسبة الكحول الإيثيلي المتبقية في الخُبز، بعد الخَبز، تتراوح ما بين (0.04% - 1.9%)] [وتختلف النسبة حسب كمية الخميرة المستخدمة، ومدة التعرض للحرارة]؛ [كما أن هناك، في الدول الأجنبية، أجهزة حديثة \"breathalyzers\" تقيس نسبة الكحول عن طريق النَفَس. وقد أثبتت هذه الأجهزة وجود نسبة ضئيلة من الكحول الإيثيلي في فم الإنسان، فور تناوله للخبز، أو أحد الساندوتشات، أو للبيتزا، ويُعزى هذا إلى الخميرة المستخدمة أثناء الخَبز]؛r(٢) الكحول الإيثيلي موجود في عصائر الفواكه، واللبن الرائب والزبادي، وهو ما أكدته الدراسات العلمية والمجامع الفقهية الطبية، فالدكتور أحمد رجائي الجندي مثلاً يقول في أحد أبحاثه أن نسبة الكحول في اللبن الزبادي قد تصل إلى 3%. [وفي ظني، هذه نسبة كبيرة، فالكحول الإيثيلي في البيرة يُقدر بنحو (2%–12%)، (حسبما جاء في موسوعة \"ويكيبيديا\")]؛r(٣) نشرت مجلة \"لوبوان\" الفرنسية تقريرًا مفاده أن \"المعهد الوطني للاستهلاك\" [بفرنسا] أجرى اختبارات على عدد من المشروبات الغازية، فوجد أن \"البيبسي\" و\"الكوكا كولا\" بهما نسبة ضئيلة من الكحول تُقدر بنحو \"10 ملليجرام\" في كل لتر (أي 0.001%)؛ [وكما ذكر الدكتور محمد علي البار، فإن الكحول الإيثيلي يستخدم في إذابة المواد الأولية أثناء تصنيع \"البيبسي\" و\"الكوكاكولا\"]؛r(٣) الكحول الإيثيلي موجود في مستحضرات التجميل التي نستخدمها بصفة يومية [من الصابونات والشامبوهات، وغيرها من المنظفات، ومعقمات اليدين]. وقد بحثتُ كثيرًا، في المراجع الأجنبية وتواصلتُ مع بعض الشركات المُصَنِّعة، ولم أجد أيَّ أنواع معتبرة من الصابون، والشامبوهات وغيرها من المنظفات، تخلو من الكحول الإيثيلي. وحتى لو كنا نغسل أجسادنا بالماء بعد استخدام هذه المنظفات، فقد ثبت علميًا أن الجلد يمتص نسبة من الكحول الموجود في هذه المنظفات والمعقمات، [وهذه النسبة الممتصة تختلف باختلاف كمية الكحول الموجودة في المنتج ومدة تعرض الجلد له]، ومن ثم ستكون هناك نسبة من الكحول موجودة في الدم إثر امتصاص الجلد له.rوعلى ضوء ما سبق لديَّ عدة إشكاليات أود أن أطرحها:rأولاً، ما هو حد الكثرة المقصودة في حديث \"مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ\"؟! فلو نظرنا إلى حديث \"كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ\"، سنجد ثلاث تفسيرات [أحدها أن الفَرْق يعادل \"9.3 لتر\"]، وهناك من لم يضع حدًا للكثرة. فحد الكثرة هنا غير واضح، وأي نسبة ضئيلة ستصل حتمًا بعد مقدار معين إلى حد الكثرة الكافي للإسكار. وسؤالي هو: هل يمكن أن نضع لحد الكثرة معيارًا، وهو الحد الأقصى الذي يستطيع أن يأكله أو يشربه الإنسان؟!rثانيًا، لو أخذنا برأي الجمهور القائل بأن الخمر، [وبالتالي الكحول الإيثيلي]، نجس نجاسة حسية، لأمكن القول إن عجين الخبز مثلاً نجس، [لمخالطته الخميرة التي تنتج الكحول الإيثيلي أثناء عملية الخَبز]، ومن ثم نجاسة الخبز نفسه، وهو ما يوقعنا في عنت شديد، [لا سيما أن نظرية الاستهلاك قد تنطبق على الموائع، ولكن هل هي تنطبق هنا على عجين الخبز؟!]، وهل لو أخذنا بالرأي المخالف للجمهور، وهو طهارة الكحول، نكون متتبعين للرخص؟!rثالثًا، بعيدًا عن الطهارة والنجاسة، ماذا نفعل في نسبة الكحول الضئيلة التي تدخل أجسامنا من خلال الخبز، وعصائر الفواكه، واللبن الرائب والزبادي، فضلاً عن الكحول الذي يمتصه الجلد من خلال مستحضرات التنظيف؟!rرابعًا، هل يمكن الاستئناس هنا بالأثر المروي عن أبي هريرة فيما يخص أكل الخمير، وأن النبي كان يُنتبذ له، ويشرب النبيذ لمدة ثلاثة أيام [وهو ما يعني وجود نسبة ضئيلة من الكحول]؟!rخامسًا، ما حكم \"البيبسي\" و\"الكوكاكولا\"، وقد ثبت أن نسبة الكحول الموجودة بهما أقل من تلك الموجودة في عصائر الفواكه؟! وهل يختلف الحكم هنا، كون الكحول في \"البيبسي\" و\"الكوكاكولا\"، يتم إضافته لإذابة المواد الأولية، في حين أن الكحول في الخُبز وعصائر الفواكه يتكون بفعل التخمر الطبيعي؟!

الجواب من المفتي : فضيلة الشيخ مازن باكير

ما أسكر كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ, واستفت قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك.