الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

منابر دمشق

تاريخ النشر 2017-08-13 الساعة 07:56:29
مهنة السواقة -2-
الدكتور الشيخ محمد خير الشعال

 

قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ   وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ*} [التوبة: 105].

وقال سبحانه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} [الأنبياء:94].

أخرج البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاماً قَطُّ خَيْراً مِنْ

أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». [البخاري].

وأخرج البخاري ومسلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن يُرِد الله به خيراً يفقِّهه في الدِّين».

هذه هي الخطبة العشرون في سلسلة (مهنتي: فقهها وآدابها)

نتابع الحديث فيها عن مهنة السواقة -2- ، وفيها إجابة على أسئلتكم الفقهية المتعلقة بهذه المهنة.

السؤال الأول: مسائل في حوادث السير:

1-  ركن سيارته في طريق نازلة من دون أن يشد المكابح ونزل ليشتري حاجاته من البقالة، فهوتْ السيارة وصدمت رجلاً، فهل يضمن؟

2-  سار بمركبته متجاوزا شارة المرور فصدم رجلا فقتله، فما الواجب عليه شرعا؟

3-  هل ضمان الحوادث على سائق السيارة المباشر للحادث أم على مالك السيارة؟

4-   لو أوقف سائق سيارته عند الإشارة ينتظر أن يفتح له الطريق، فصدمته سيارة

من الخلف، فصدم هو من أمامه، فعلى مَن يكون الضمان؟ 

5- إذا صدمت سيارة سائرة سيارة واقفة في ملك صاحبها أو أمام بيته، أو في

موقف مخصص لذلك مأذون فيه أو على جانب طريق واسع، فما الحكم؟

السؤال الثاني: ما حكم أخذ السائق عمولة من محطات الاستراحة لقاء دلالة الزبائن عليها؟

السؤال الثالث: ما حكم اللقطة - من مال أو أغذية - التي يجدها سائق الأجرة ولا يعرف صاحبها؟

السؤال الرابع: هل يعتبر انفراد السائق بالمرأة الأجنبية ضمن السيارة خلوة محرمة؟

السؤال الخامس: ما حكم وضع السيارة في الطريق بحيث يضيق على المارة، أو

يسبب إغلاق الطريق عليهم؟

إليكم الإجابات والله المعين:

السؤال الأول: مسائل في حوادث السير:

1-  ركن سيارته في طريق نازلة من دون أن يشد المكابح ونزل ليشتري حاجاته من البقالة، فهوت السيارة وصدمت رجلا، فهل يضمن؟

الجواب: يعتبر سائق السيارة هنا متسبباً في الضرر، والقاعدة الفقهية تقول:

المتسبب لا يضمن إلا بالتعدي، وهاهنا تعدى المتسبب بعدم شد المكابح فيضمن

ما لحق بالرجل من أضرار.

2-  سار بمركبته متجاوزا شارة المرور فصدم رجلا فقتله، فما الواجب عليه شرعا؟

الجواب: يعتبر السائق هنا مباشرا للضرر، والقاعدة الفقهية تقول: المباشر ضامن و

إن لم يكن متعديا، وهاهنا المباشر متعدٍ فعليه الضمان، وقد قَتَل خطأ، فيجب على

السائق صيام شهرين متتابعين، ويجب على عاقلته دفع دية إلى أهل القتيل. عَاقِلَةُ الإْنْسَانِ عَصَبَتُهُ، وَهُمُ الأْقْرِبَاءُ مِنْ جِهَةِ الأْبِ كَالأْعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، وَالإْخْوَةِ وَبَنِيهِمْ.

قال تعالى في سورة النساء: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} [النساء: 92] ثم تقول

الآية: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 92].

 

3-  هل ضمان الحوادث على سائق السيارة المباشر للحادث أم على مالك السيارة؟

الجواب: الضمان على السائق فيما تعدى به أو قصر، وعلى المالك فيما لا تعدي فيه للسائق.

4-  لو أوقف سائق سيارته عند الإشارة ينتظر أن يفتح له الطريق، فصدمته سيارة

من الخلف، فصدم هو من أمامه، فعلى مَن يكون الضمان؟ 

الجواب: الضمان على الصادم الأول؛ لأنه المباشر لصدم السيارة الأولى والمتسبب

بصدم الثانية؛ والمصدوم الأول والذي هو مباشر لصدم السيارة الثانية لا اختيار له،

فلا ينسب إليه فعل، وما تضرر به الصادم الأول هدر، فكأنه أتلف مال نفسه.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن حوادث السير عام 1993: (إذا اجتمع المباشر مع المتسبب كانت المسؤولية على المباشر دون المتسبب، إلا إذا كان

المتسبب متعديا والمباشر غير متعد)

5- إذا صدمت سيارة سائرة سيارة واقفة في ملك صاحبها أو أمام بيته، أو في موقف مخصص لذلك مأذون فيه أو على جانب طريق واسع، فما الحكم؟

الجواب: يضمن سائق السيارة السائرة ما تلف في الواقفة من نفس ومال في

صدمته، لأنه المعتدي، والمعتدي ضامن، فإن كانت واقفة في طريق ضيق غير

مملوك لصاحبها، أو في مكان مزدحم وغير مأذون بالوقوف فيه فالضمان عليهما لتعديهما، فالواقف متسبب متعد بالوقوف والسائر مباشر متعد.

ويحتمل أن يكون الضامن هو صاحب الواقفة. ويختار القاضي الأنسب من الحكمين

لكل حال بحسبها.

أيها الإخوة:

    في حوادث السيارات الأصل في سائق السيارة أنه ضامن كل أنواع الضرر الذي

 ينشأ من العجلات أو من مقدمات السيارة أو من خلفها، أو من أحد جانبيها، لأن السيارة آلة محضة في يد السائق، وتنسب مباشرة الإضرار اليه.

على أن السائق يعفى من المسؤولية – كما نص عليه مجمع الفقه الإسلامي- في الحالات الآتية:

"أ- إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها وتعذر عليه الاحتراز منها،

وهي كل أمر عارض خارج عن تدخل الإنسان. (كريح عاتية).

ب- إذا كان بسبب فعل المتضرر المؤثر تأثيرا قويا في إحداث النتيجة. (كمن رمى

بنفسه عند عجلة السيارة ولم يتمكن السائق من اجتنابه فضمانه على نفسه).

ج- إذا كان الحادث بسبب خطأ الغير أو تعديه فيتحمل ذلك الغير المسؤولية". (كمن

دفع آخر إلى سيارة سائرة فدهسته، فالضمان على الدافع لا السائق).

السؤال الثاني: ما حكم أخذ السائق عمولة من محطات الاستراحة لقاء دلالة الزبائن عليها؟

الجواب: سائق التاكسي أو الباص إما أن يكون أجيراً خاصاً عند شركة أو جهة معينة، وإما ألا يكون أجيراً عند أحد بل يعمل لنفسه.

فإن كان يعمل لصالحه فلا حرج في أخذ هذه العمولة، لأنها من باب السمسرة وهي جائزة. مالم تكن مبنية على الغش والتغرير؛ فتحرم.

وإن كان السائق أجيراً عند شركة فلا يجوز له أخذ العمولة من المحطة إلا بإذن مستأجره. والله أعلم.

 

السؤال الثالث: ما حكم اللقطة - من مال أو أغذية - التي يجدها سائق الأجرة و

لايعرف صاحبها؟

الجواب: اللقطة التي وجدها السائق في سيارته ولم يستدل على صاحبها، إما أن تكون يسيرة لا تتبعها نفس صاحبها فهذه لا حرج في الانتفاع بها. جاء في المغني في شأن اللقطة: (ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة اليسير والانتفاع به).

وإما أن تكون لها قيمة وتتبعها نفس صاحبها، فيعرفها سنة كاملة؛ فإن جاء صاحبها أعطاه إياها وإن لم يأت تصدق بها أو استفاد منها.

وإن خشي عليها الفساد كالفاكهة واللحوم ونحو ذلك أو أوشكت صلاحيتها على

الانتهاء فله أن يبيعها ويحفظ الثمن عنده. وله أيضاً أن يأكلها ويضمن الثمن لصاحبها، فإن جاء صاحبها أعطاه الثمن وإلا تملك هو الثمن. والله أعلم.

السؤال الرابع: هل يعتبر انفراد السائق بالمرأة الأجنبية ضمن السيارة خلوةً محرمة؟

الجواب: الخلوة المحرمة هي انفراد الرجل بالمرأة الأجنبية في مكان لا يراهم فيه أحد.

فاجتماعهما في السيارة إذا كان يرى من بداخلها وتسير في الطرق المليئة بالسيارت والمارة، لا يعتبر خلوة.

ولتحرص المرأة على الجلوس بعيداً عن الرجل قدر المستطاع لقطع الريبة؛ والأحسن أن يصحبها في ركوبها السيارة أحد محارمها او امرأة أخرى.

   قال الإمام النووي رحمه لله في المجموع: "إذا خلا الأجنبي بالأجنبية من غير

ثالث معهما فهو حرام باتفاق العلماء، وكذا لو كان معهما من لا يستحيا منه لصغره كابن سنتين وثلاث ونحو ذلك فإن وجوده كالعدم".

قال الدكتور الزحيلي رحمه الله: (فإن كان الاجتماع في شارع أو طريق أو مسجد...

أو في بيت مفتوح الباب والنوافذ أو في بستان لا باب له، فلا تتحقق الخلوة).

السؤال الخامس: ما حكم وضع السيارة في الطريق بحيث يضيق على المارة، أو

يسبب إغلاق الطريق عليهم؟

الجواب: الأصل أن يضع السائق مركبته في المكان المخصص لها أو المتعارف عليه عند الناس بحيث لا يضر بالمارة.

لكن مَن وضع مركبته في طريق الناس بحيث أضاق عليهم الطريق أو أغلقه فيعتبر مذنباً آثماً، لأن الطرقات منافع مشتركة بين الناس لا يجوز لأحد أن يختص بها لنفسه.

روى أبو داود عن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه قال: «غزوتُ مع رسول الله صلى

الله عليه وسلم فضيَّق الناسُ المنازلَ، وقطعوا الطريق، فبعث رسول الله صلى الله

عليه وسلم مُنادياً يُنادي في الناس: من ضَيَّق منزلاً أو قطع طريقاً فلا جِهادَ له»

[أبو داود].

     

أيها الإخوة:

هذه بعض الإجابات على مسائلكم الفقهية المتعلقة بمهنة السواقة وللموضوع تتمة

إن شاء الله، واذكروا أن المطلب الرئيس من كل من يستمع لهذه الخطب أن يُحَكِّم

شرعَ الله في مهنته، لئن فعلتَ فأنت تتعبد الله تعالى في مكان عملك تماماً كما تتعبد

الله تعالى في مسجدك، وإن لم تفعل فحاول أن تفعل، وابدأ الآن.

والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1306
تحميل ملفات
فيديو مصور