بتاريخ: 25 من شـــعــبـان 1439 هـ - 11 من أيــار 2018 م. الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه وهدى ورحمة للعالمين أرسله, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون. وبعد أيها الإخوة المؤمنون، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير. لو أن ضيفاً يأتي إليك كل سنة مَرَّة واحدة فيدخل إلى بيتك، وَعِوَضَ أن يُكلفك مالاً يُعطيك المال، بل يُعطيك مالاً وفيراً جِداً، ثم يَستأذن منك ويخرج مِن دارك، كم كُنت لِتفرح بهذا الضَّيف الخفيف الظِّل اللَّطيف الجميل، الذي أتى لم يكلفك فنجاناً مِن القهوة ولا كأساً من الشاي ولا غداءً ولا عشاءً، أعطاك مَؤونة عام ثم بعد ذلك انصرف، أعطاك مالاً وفيراً، كم كنت لِتفرح بهذا الضيف؟ فرحك به لا شك كبير!. وهكذا شأن شهر رمضان المبارك، إنَّه ضيف خفيف الظِّل، يأتيك في العام مرة واحدة، يأخذ ذنوبك كلها، فالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن صَام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم مِن ذنبه))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ورمضان إلى رمضان مُكفرات لما بينهن -بعد أن ذكر الجمعة إلى الجمعة، طبعاً والصلاة إلى الصلاة- مُكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر))، فَرمضان ضَيف يُزاد في رزقك فيه، إذاً ضَيف يأتيك بالرزق ويَذهب بذنوبك، فما أجمل هذا الضَّيف الجميل، ولكن أيها الإخوة سأختصر وأوجز، رمضان جُنَّة، الرسول صلى الله عليه وسلم، في حديث البخاري وفي حديث النسائي يقول: ((الصَّوم جُنَّة ما لم يَخرقها))، ما لم يَخرق هذه الجُنَّة، أولاً ما معنى: ((الصَّوم جنة))؟ جُنَّة يعني سَتر لك مِن النار، والجِنّ سُميت جِنَّاً لأنها تُستر عن أعيننا فلا نَراها، وجَنَّ الليل إذا دَخل الظَّلام فلم تعد ترى الأشياء، فَمَادَّة جَنن في اللغة العربية تَدل على السَّتر، فـــ ((الصَّوم جُنَّة)): وِقاية وسِتر لك مِن النار، ((ما لم يَخرقها)) يَعني صاحبها، هذا في رواية النسائي، زاد الطبراني أن أحد الصحابة قام فقال: يا رسول الله، وبِمَ يَخرقها؟ يَخرق هذه الجُنَّة، هذا الستر مِن النار؟ قال: ((بِكذب أو غِيبة)) يَخرقها بِكذب أو غِيبة، الصوم مغفرة، ورمضان سبب لِغفران الذنوب لك، ولَكن إذا استطعت أن تَستثمر وقتك بِشكل صَحيح وأن تَستثمر رَمضان بحقيقته التي هِي دَورة تدريبية تأهيلية، إذا لم يَكن رمضان بالنسبة لك دَورة أخلاقية تدريبية تأهيلية لكل العام، وإذا لم تستثمر وقتك فَمَعنى ذلك أنَّك الحديث الأول: أخرجه الحاكم في مُستدركه، عن سيدنا كعب بن عُجرة، والحديث صحيح، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم طلبَ الناسَ فقال: ((احضروا المنبر))، لم يَكن هناك وسائل إعلام في زمانهم، وسيلة الإعلام الوحيدة هي المنبر، يَقوم سيدنا الرسول ويخطب بهم، فحضر الناس كلهم، صعد المنبر، فرقي الدرجة الأولى، ثلاث درجات منبر سيدنا الرسول، درجة أولى وثانية وثالثة، ثلاث درجات، قال: فرقي الدرجة الأولى، أي صَعد الدرجة الأولى، فقال: ((آمين))، ثم رقي الثانية فقال: ((آمين))،
الحديث الثاني: أخرجه الطبراني في الكبير، عن سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال: خَطَبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أتاكم رمضان بركة يَغشاكم الله فيه))، أي يُنَزِّل عليكم الرحمات والبركات، قال: ((فَيَحُطُّ فيه الخطايا))، أي يغفر فيه الذنوب، ((فيحط الله به الخطايا، ويُنزل رحمته، يباهي الله بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً فيه -في رمضان-، فإنَّ الشَّقي -هُنا موضع الشاهد- مَن حُرم رحمة الله فيه، فأروا الله من أنفسكم خيراً))، ربنا يُباهي مَلائكته، انظروا إلى عبادي كلهم صائمين، كلهم قائمين، يَفرح الله عز وجل بعباده، يُباهي ملائكته بنا، يقول: ((فأروا الله مِن أنفسكم خيراً، فإنَّ الشَّقي مَن حُرم رحمة الله فيه))، أي في رمضان. إذاً عندنا الآن حديثان: ((بُعداً لمن أدرك رمضان فلم يُغفر له)) & ((الشَّقي مَن حُرم رحمة الله فِيه))، كيف يُدرك الإنسان المؤمن رمضان فلا يُغفر له؟ وكيف لا تُصيبه رحمة الله في رمضان؟ بأن لا يَعلم فنسأل الله عز وجل أن يُلهمنا ويُلهمكم السَّداد والرَّشاد، وأن يُوفقنا وإياكم لما يُحبه ويَرضاه، إنَّه سُبحانه وتعالى سميع قريب مجيب، اذكروا الله يذكركم، استغفروا الله فيا فوز المستغفرين.
|
||||||||
|