صور من الذاكرة

فضيلة الشيخ عبد الرحمن الشاغوري رحمه الله

إدارة الموقع


فضيلة الشيخ عبد الرحمن الشاغوري رحمه الله

هو العلامة الحجة العارف بالله الشيخ عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن مصطفى بن عبد الرحمن عابدين الشهير بالشاغوري .

 

ولادته ونشأته :

 ولد في مدينة حمص ، (سنة 1331 هـ /1912 م) وهو حسيني من آل البيت النبوي الشريف ، ينتهي نسبه إلى سيدنا زين العابدي ابن سيدنا الحسين رضي الله عنه.

توفي أبواه وهو صغير السنّ فنشأ في حجر أخيه الأكبر محمد ، الذي انتقل بالأسرة إلى دمشق سنة 1922 م ، نشأ بين عامة الناس وعمل بحرفة النسيج ، فرفعته همته لطلب العلم وتحصيل التقوى فكان من العلماء العاملين الربانيين .

 شيوخه في العلوم :

 تلقى الشيخ علومه عن كبار علماء عصره ، فحضر الدروس العامة للمحدث الأكبر الشيخ بدر الدين الحسني ، ومحدث المغرب السيد محمد بن جعفر الكتاني ، والعلامة الشيخ علي الدقر، وقرأ على علاَّمة المنقول والمعقول الشيخ أمين سويد في "شرح الحكم العطائية"، وحضر في "البخاري" على الشيخ توفيق الأيوبي ، وأتمَّه بعد وفاته على السيد محمد المكي الكتاني ، وقرأ على العلامة الزاهد الشيخ عبد القادر الدكالي في علم التوحيد ، وعلى الشيخ محمد أبي الخير الميداني في الفرائض والمواريث ، وعلى العلامة الشيخ صالح العقاد في الفقه الشافعي ، وعلى العلامة الشيخ أحمد الدقر والعلامَّة الشيخ لطفي الفيومي والشيخ علي سليق في النحو ، وأجازه الشيخ محمد خالد الأنصاري الحمصي وغيره من أشياخه.

 

شيوخه في تحصيل الطريق :


نشأ الشيخ منذ طفولته في حِلق الذكر ، فكان يتردد على شيخ الطريقة الرفاعية في حمص الشيخ يوسف جندل ، ثم لازم في دمشق الشيخ عمر الحمصي شيخ الطريقة البدوية ، وكان من رفاقه وإخوانه عند الشيخ آنذاك : العلامة الشيخ حسن حبنكة ، والشيخ طالب هيكل  وأخذ الطريقة التيجانية عن الشيخ عطا الغبرة .

كما تلقى الشيخ علوم التوحيد والتصوف ذوقاً وحالاً وسلوكاً ومقالاً عن شيخه العارف بالله سيدي محمد الهاشمي رحمه الله تعالى ، شيخ الطريقة الشاذلية الدرقاوية العلية في بلاد الشام ، وكان يقرأ العبارة في درس الشيخ ، صحبه ملازماً في دروسه ومجالسه ثلاثين عاماً ، وأجازه شفاهاً بالورد العام بالطريقة الشاذلية ، وأدخله الخلوة ، وقد قال فيه : (سيدي عبد الرحمن يصلح للإرشاد والطريق) ، شهد على ذلك الشيخ عبد الوكيل الدروبي رحمه الله  وغيره ، هذا ويُعدُّ الشيخ أحد خلفاء الشيخ الهاشمي البارزين .

إجازاته :

أجازه نقيب الأشراف بدمشق الشيخ سعيد الحمزاوي بما أجازه شيخه الهاشمي إجازة خطية بالأوراد العامة والخاصة ، وأذن له بالإرشاد والتسليك ، وأجازه الشيخ سعيد الكردي ، كما أجازه سيدي الشيخ علي بن محمد البوديلمي خليفة سيدي الشيخ أحمد بن عليوه في تلمسان - بما أجازه به شيخه ابن عليوه في الأوراد العامة والخاصة ، وذلك مشافهة في جامع الدرويشية على ملأ من أهل العلم والفضل ، وأذن له بالإرشاد والتسليك بذلك على خير وجه.

 صفاته وأخلاقه :

 هو شيخ الطريقة الشاذلية ، عالم عامل ، مربٍّ بحاله وقاله ، علاّمة مشارك في علوم الشريعة وعلوم الآلة وعلوم التصوف والتوحيد ، أديب شاعر من طراز فريد ، له ديوان شعر مطبوع ، وتناولت كثير من أشعاره الحبَّ الالهيَّ وما يتصل بذلك من علم التصوف والحقيقة .

 

عُرِفَ الشيخ بين علماء عصره بالتواضع والاستقامة وعدم التلوّن ، وكان ويُرجَع إليه في حل مشكلات علم التوحيد ومعضلاته ليوجد عنده الجواب العلمي المحقق.


واشتُهِرَ الشيخ بحسن الطالع والصبر والتروي ، وصفاء القلب ، وحسن الظن بالناس وبتربية السالكين ، وقد جمع إلى العلم الأخلاق الفاضلة العالية ؛ والشيخ رحمه الله رجل بشوش ، لا يرد أحداً قصده في حاجة .

                                    

أعماله ووظائفه:

 جاهد الشيخ ضد الفرنسيين أيام الاحتلال ، وشارك في الثورة السورية وهو دون العشرين ، وله قصيدة عصماء في الثورة والإضراب ، ألقاها على مدرج جامعة دمشق أمام أعضاء الحكومة (عام 1945 م) ، وعمل في الغزل و النسيج ، وكافح وناضل من أجل حقوق العمال ، حتى اختير رئيساً لاتحاد عمال النسيج في دمشق ، وعضواً في اتحاد نقابات العمال في سورية وفي اتحاد العمال العرب ، وله قصائد مطولة في الدفاع عن حقوق العمال ، ألقاها في مناسبات متعددة ، وتلقى من أجل جهاده ذلك شهادات تقديرية متعددة.

وقد عمل في الخطابة في عدد من مساجد دمشق ، آخرها جامع الخياط في حي المهاجرين قرب داره العامرة.

تلامذته :

تخرج على يديه الكثير من طلاب العلم ، فقد اقرأ العديد من الكتب في الفقه والتفسير والحديث والتصوف والتوحيد والنحو والصرف والبلاغة والمنطق وغيرها ، وهدى الله تعالى به كثيراً ، وكان يأمر تلامذته بالالتزام بالشريعة وإتباع السنة ، والعمل بالعلم بعد طلبه .

ومنهم : الشيخ محمد أمين بن عبد الهادي الفاروقي ، الشيخ مصطفى التركماني ، الشيخ محمد اليعقوبي ، الشيخ عبد العزيز الخطيب ، الشيخ عبد الوهاب الشريف بوعافية مدير معهد الإمام أبي الحسن الشاذلي بدمشق ، وغيرهم الكثير ممن لا يتسع ذكرهم ....

من أقواله :

 (( السبب واجب ، ونفي التأثير عنه واجب )) ، قاصداً بذلك العلاقة بين الأسباب والمسببات .

 (( أصل المحبة وارد شارد ، نزل في قلب جامد ، فحركته لواعج المحبة ، فاضطرمت فيه نارها من كثرة الحركة ، فتبخر ما كان في أحشائه من رواسب رطوبات حضيضة ، ففاضت من ذلك عيناه معبرةً عما يُكِنُّ في أحشائه من لواعجها )) .

وفاته :

 توفي مساء يوم الثلاثاء 20 ربيع الاخر 1425 الموافق 8 حزيران 2004 وصُلِّي عليه في جامع الشيخ محي الدين بن عربي ، ودُفِنَ في مقبرة الحرش في المهاحرين .

ومما قيل في تأبينه ما قاله شيخ القراء : إن الشيخ عبد الرحمن رحمة الله تعالى عليه قضى في هذه الدنيا ما يقارب قرناً في علمه ، وفي فهمه ، وفي ذوقه ، وفي كل ما أعطاه الله إياه من الذوق الصوفي الرقيق الشفاف ، الذي يعتمد على الإلهام ، وعلى رقة النظر ، وعلى دقة الفكر ، قضى قرنا تقريبا كاملا في هذا ، وماذا بعد ذلك ؟ ألا يكون في ذلك من العبر ما ينبغي أن نتعلمه أولاً .

 

http://awqaf-damas.com/Control_Awkaf_CMS/fck/editor/images/spacer.gif

 

Copyrights © awqaf-damas.com

المصدر:   http://awqaf-damas.com/?page=show_det&category_id=97&id=1529