العلامة الشيخ محمود ياسين
1304-1367هـ = 1887-1948م
فقيه حنفي، محدث، نحوي أديب، من رموز العمل الاجتماعي في بلاد الشام
اسمه :
الشيخ محمود بن أحمد بن ياسين، وأصل نسبة أسرته الحمامي
ولادته ونشأته :
ولد بدمشق في حي العمارة، أقصاب سنة (1304هـ)، وكان والده أحد وجهاء حييه، وقذف الله في قلبه محبة العلوم، فأقبل على مجالس العلماء، فحفظ القرآن الكريم، وأتقنه على شيخ القراء الشيخ محمد سليم الحلواني، وأخذ عن كبار علماء عصره؛ فقرأ العقائد والتوحيد على الشيخ صالح الشريف التونسي، ودرس الفقه الشافعي على عدة مشايخ آخرهم الشيخ أحمد الجوبري، ثم عمل معه بتحقيق كتاب (كفاية الأخيار) للحصني .
وأخذ الفقه الحنفي عن الشيخ عطا الله الكسم، وكان أحد خواص تلامذته.
وكان من أهم أصدقائه الذين شاركوه في طلب العلم، والأخذ عن العلماء الشيخ عارف الصواف الدوجي، والشيخ توفيق الصواف الدوجي، والسيد محمد شريف النص، والشيخ عبد الرزاق الحفار، والشيخ محمود الحفار.
شيوخه :
ومن شيوخه الذين انتفع بهم: الشيخ محمد كامل القصاب، والشيخ سليم المسوتي ، والشيخ مصطفى الطنطاوي، والشيخ عبد القادر الإسكندراني.
مسيرته العلمية :
أخذ علوم السنة الشريفة رواية ودراية عن المحدث الشيخ بدر الدين الحسني، والعلامة السيد محمد بن جعفر الكتاني؛ قرأ عليه الكتب الستة رواية ودراية والجزأين الأولين من مسند الإمام أحمد، وكان مقرباً إليهما، مقدماً عندهما، وكان يدوِّن كثيراً مما يلقيانه من أحكام وآراء، حتى أصبح أحد أهم المتخصصين في علوم السنة في بلاد الشام في عصره.
أفنى عمره بالعلم والعمل؛ فحرص على الوقت لا يضيعه، فلا يُرى حتى في سويعات فراغه إلا ممسكاً بكتاب، أو كاتباً لأفكار، أو تالياً لكتاب الله عز وجل، ونشط في العمل الاجتماعي فقدم لمجتمعه الخير الكثير.
فشجع عدداً من الشباب من تلامذته على تأسيس جمعية النهضة الأدبية، لنشر الثقافة الأدبية في المجتمع، والتعويض عن الضعف الذي طرأ على لسان أهل الشام في اللغة العربية من تأثرهم بسنين التتريك ، وما تركته من آثار.
أعماله :
أسس جمعية الهداية الإسلامية (1349هـ/1930م) () التي تولى رئاستها مدة عشرين عاماً تقريباً، مع صديقه الشيخ عارف الصواف الدوجي، وتلميذه الشيخ محمد كامل القصار، وأعطاها الكثير من وقته، وجهده، وماله.
وأسس مدرسة التهذيب الإسلامي من ماله الخاص، وقدّمها لمدرسة جمعية النهضة الأدبية لتعليم الأميين مساءاً فكان لها الأثر الكثير الطيب في المجتمع.
وضمت مدرسة التهذيب الصفوف الابتدائية والثانوية التي تخرج منها صفوة الطبقة المثقفة، ثم نقم الفرنسيون على دورها فأغلقوها.
وشارك في تأسيس جمعية العلماء سنة (1356هـ/1937م) برئاسة شيخه الشيخ محمد كامل القصاب، وكان أحد أعضائها العاملين، كما شارك في تأسيس رابطة العلماء سنة ،
كما كان له الدور البارز في تأسيس (الكلية الشرعية) في زقاق النقيب سنة (1358هـ /1939م)، وكان أحد أهم المدرسين فيها، وترك في تلامذته أثراً كبيراً.
درَّس في مساجد دمشق، ومدارسها الثانوية، والثانوية الشرعية في جامع تنكز، والمدرسة التجارية، وعمل في المحاكم الشرعية، ثم في دائرة التمييز.
وعرض عليه تولي القضاء الشرعي فرفض ذلك تورعاً لكنه بقي مرجع القضاة في الاستشارات الدقيقة.
اهتم بالتحقيق؛ فنشط للعمل في دراسة المخطوطات بالمكتبة الظاهرية بدمشق؛ فاعتنى بالنسخ الخطية، ومقابلتها واستنساخها وتصحيحها؛ فأخرج ما يقرب من ثلاثين كتاباً في التراث الإسلامي ينتظر النشر. وجمع في بيته مكتبة حافلة بالنفائس من الكتب.