صفاته :
زاهد ورع ، والزهد والورع علامة متميزة عنده ، يتحرى الحلال ، ويتحفظ من الحرام ، يرضى بالكفاف من العيش ، ويقنع به فلا تفتنه الدنيا . ترك كثيراً من الحلال لئلا يقع في القليل من الحرام ، ورأى أن الشيطان يدخل على ابن آدم من سبعين باباً من أبواب الخير . وبلغ به التحري في طلب الحلال والاحتراز عن الشبهات أنه لم يستجب إلا لدعوات أصحابه المخلصين الذين يطمئن إلى طيب طعامهم ، وكان زهده يتجلى في ملبسه ومطعمه ومسكنه وسائر شؤون حياته فيبتعد عن المظاهر ، ومن زهده أنه يرفض الهدايا من طلابه وأنه رغب عن كثير من الوظائف العالية ، وقد عرضت عليه في دمشق وبيروت وغيرهما من العواصم العربية .
بسط يده للفقراء ، وتعرض لحل مشكلاتهم ، وعطف عليهم .
كُسي ثوباً من المهابة والوقار وجمع إليهما نفساً مرحةً وروحاً زكية تتسع لأحوال العامة والخاصة ، مع أنس وأدب ، ومع تواضع من غير مذلة وعزة من غير كبرياء ، هادئ رزين شان العلماء الذين ملأهم الله علماً ورزقهم فهماً . حرص على الوقت كل الحرص ، وعرف كيف يستفيد من وقته ، فرسم لنفسه نظاماً صارماً للعمل الدائب النافع أمضى الليل بالقيام ، والنهار بالدراسة والتدريس والسعي في أمور المسلمين، حتى الطرقات كان يقطعها بتلاوة القرآن الكريم .
المناصب التي تقلدها :
تولى الخطابة والإمامة في مسجد سيدي شركس بسوق القطن ، وكانت خطبه قصيرة ولكنها مفيدة جداً تعتمد على الفقه مادة ، وليس هذا إلا لاهتماماته الفقهية .
صلّى إماماً في مسجد تحت المئذنة ، وكان إمام جزء في صلاة التراويح بجامع التوبة . وألقى دروساً في مساجد كثيرة إلى جانب الحلقات التي عقدها في بيته وبيوت أصحابه . أول ما درس في ( جامع يلبغا ) بتكليف من شيخه عطا الله الكسم رحمه الله ثم توالت دروسه ، فدرس في الجامع الأموي ، وكانت له حلقة خاصة في جامع التوبة لخاصة طلابه درس فيها الكتب الكبار كحاشية ابن عابدين ، واللباب في شرح الكتاب والاختيار وشروح المنار وغيرها .
وأسهم في التعليم بمدارس عدة كمدارس الريحانية ، ومدرسة الجمعية الغراء ، والمدرسة التجارية التي يديرها الشيخ مصطفى الطنطاوي ، ومدرسة سعادة الأبناء ، درس فيها التجويد والفقه وغيرهما .
كان عضواً في رابطة العلماء التي يرأسها الشيخ أبو الخير الميداني ، وكان رئيساً لجمعية المدرسة التجارية التي تعلم الطلاب الفقراء مجاناً ، ورئيساً فخرياً لجمعية العقيبة الخيرية ، إحدى أوليات الجمعيات المشهورة في دمشق .
كان المرجع الأول في الفتاوى والرسائل التي كانت تنهال عليه من شتى أقطار العالم الإسلامي ، كان يأخذ بعزائم الأمور لنفسه وللمستفتي ، يفتي بالمشهور من مذهب الإمام أبي حنيفة ، ويدع الأقوال الضعيفة .
وحلقة درسه في غاية الضبط والإتقان ، يطلب من تلاميذه تحضير البحث المقرر قبل مجيئهم .
حفظ عليه كثيرٌ من الطلاب القرآن الكريم ، وكانوا لا يجارون في قراءتهم وضبطهم .
ولقد اهتم بكتب معينة وعمل على تدريسها منها :
حاشية ابن عابدين
شرح منية المصلي للحلبي .
شرح الحكم لابن عطاء الله وغيره .
الهداية للمرغيناني .
مراقي الفلاح للشرنبلالي .
عمله :
اشتغل إلى جانب دروسه ، ونشر العلم والسعي في الخير بأعمال بر شتى ، فعمل على تجديد وعمارة عدة مساجد وأسهم في إنشاء جمعية المدرسة التجارية ، وجمعية العقيبة الخيرية التي كان رئيساً لها .
وفاته :
في صبيحة 10 رمضان عام 1389هـــ ، توفي رحمه الله بعد أن استيقظ مبكراً ، فصلّى الفجر وأقبل على التلاوة حتى أضحى ، فصلى الضحى ركعات كثيرة ، ثم عاد إلى التلاوة مكرراً سورة الرعد مراراً ، وهكذا إلى وقت الظهر ، فصلى وعاد إلى التلاوة حتى أسلم روحه إلى بارئها .