الثلاثاء 07 شوال 1445 - 16 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2017-08-08 الساعة 09:51:16
نبذة من أخلاق سلفنا الصالح
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 11 من ذي القعدة 1438 هـ - 4 من آب 2017 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك وشكراً لك على آلائك, سبحانك لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

إِلهِي إِنْ يَكُن ذَنبِي عَظِيمَاً
فَمِمَّنْ أَرتَجِي مَولايَ عَطفَاً
تَرَكتُ النَّاسَ كُلَّهُمُ وَرَائِي
فَعَامِلنِي بِلُطفِكَ وَاعفُ عَنِّي

 

فَعَفوُكَ يَا إِلَهَ الكَونِ أَعظَمْ
وَفَضلُكَ وَاسِعٌ لِلكُلِّ مَغنَمْ
وَجِئتُ إِلَيكَ كَي أَحظَى وَأَنعَمْ
فَإِنْ تَغضَبْ فَمَنْ يَغفِر وَيَرحَمْ

اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة يا الله, وعمنا جميعاً بفضلك الكبير.

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: بدأنا بالحديث عن ركن هام من أركان شمائل حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأسس ودعائم هذا التشريع الإسلامي، وهذا الأساس العظيم والمتين، هو الأخلاق، والدليل على أنه أساس وعلى أنه أمر هام جداً قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت -يعني بَعَثَني الله عز وجل إليكم- إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق)) أو ((مكارم الأخلاق)).

قُلنا الفكرة الأولى -وهي فكرة هامة لِنَعرف مِقدار الأخلاق في ديننا-: إنَّ هذا التَّشريع العظيم جعل الأخلاق جُزءاً من الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان))، وفي الحديث الآخر قال صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة: ((يا عائشة، إن حُسنَ العهد من الإيمان))، ولذلك أَلَّف الإمام البيهقي رضي الله تعالى عنه كتابه الشهير "شعب الإيمان"، ذَكر منها العقائد، لأن ديننا عقيدة، وذكر فيها الأخلاق، وعَدَّ هذه الأخلاق، حتى وصلت إلى بضع وسبعين شعبة، فَمَن لم يَكن عنده هذا الكتاب -والأمر اليوم مُتوفر عن طريق الشابكة التي هي الإنترنت- يُمكنه أن يحمل هذا الكتاب، وأن يَقرأ شعب الإيمان، أقسام الإيمان، أنواع الإيمان، فيجد أنَّ الأخلاق لها حَيِّز كبير في تشريعنا الإسلامي، لكن كثيراً مِن الناس لا يعلمون أن الأخلاق جُزء من الإيمان، وهذا شيء هام جداً يجب أن ننشره بين الناس، الأخلاق جزء من الإيمان، بنص حديث حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم.

الفكرة الثانية: أنَّه لا يُمكن لإنسان أن يقول لي: أنا حاولت أن أُحسن أخلاقي فلم أستطع، لأن الله عز وجل لا يكلف نفساً إلا وسعها، )قَدْ أَفلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا(، )قَدْ أَفلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)، وَتَزكية النَّفس تنقيتها مِن الشَّوائب والعيوب، فأنت قادر على ذلك، لا تُكذب التاريخ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم صَنَعَ مِن العرب في شبه الجزيرة العربية صَنَعَ مِنهم قادةً للأمم مِن صحابته وآل بيته، لا تُكذب التاريخ، ولا تضحك على نفسك بقولك: لا أستطيع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومَن يتوخى الخير يُعطه، ومن يتوقى الشَّرَّ يُوقه)).

فإذاً فِكرتان هامتان:

الأولى: الأخلاق جُزءٌ مِن الإيمان.

الثانية: تَستَطِيع أن تَتغير.

واسمحوا لي في هذا المضمار أن أنقل لكم كلام واحد مِن عمالقة علماء ديننا الحنيف، وهو الإمام الغزالي رضي الله تعالى عنه، الذي تسمعون جميعاً باسمه، محمد بن محمد الغزالي، المتوفى سنة 505هـ، صاحب كتاب "إحياء علوم الدين"، و"المنخول مِن الأصول"، و"المستصفى من علم الأصول"، وصاحب التأليفات الكثيرة في علوم كثيرة، هذا الرجل ألف كتابه "إحياء علوم الدين"، وهو كتاب مِن أنفع الكتب وأجملها، ويَجب على كل بيت أن يكون فيه هذا الكتاب، تكلم عن الأخلاق رضي الله تعالى عنه، وأنا أذكر لكم طرفاً مِن قصص خَرَّجتها، وأنقل بعدها كلام الغزالي، ثم نقف عند هذا الكلام الجميل.

القصة الأولى: سيدنا علي كرم الله وجهه كان عِنده غلام، والغلام يعني العبد، وفي زمانهم كان هناك عبيد وإماء، ولكن هناك فكرة هامة يَجب أن تنقلوها في أوساط الناس وأن تذكروها لمن حولكم، أن الإسلام لم يَأت بالرِّق والعبودية، الإسلام جاء فوجد الرق والعبودية موجودة قبل خمسة آلاف عام، معلومة هامة جداً، إذا قالوا لكم بالقرآن: )وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُم وَالصَّالِحِينَ مِن عِبَادِكِم وَإِمَائِكُم(، ها هي الأَمَة مذكورة، كان هناك إماء وعبيد، الإسلام جاء فوجد الرِّق موجوداً قبل خمسة آلاف سنة، ثم عالج هذه الظاهرة، كيف عالجها؟

مَن حلف يميناً: )فَكَفَّارَتُهُ إِطعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِن أَوسَطِ مَا تُطعِمُونَ أَهلِيكُم أَو كِسوَتُهُم أَو تَحرِيرُ رَقَبَة(، تحرير رقبة.

الذي يُظاهر مِن زوجته يُعتق رقبة.

مَن قتل مؤمناً خطأ ًفتحرير رقبة مؤمنة.

مَن حصل معه وِقاع مع أهله في رمضان فتحرير رقبة.

جاء الإسلام لِيُنهي الرِّق والعبودية، أرجوكم أن تَحفظوا هذا، جاء الإسلام فوجده موجوداً قبل خمسة آلاف سنة، فمشى مع التيار التشريع مِن أجل أن يُلغي هذه الظاهرة، وانقلوا لهم هذه النصوص الموجودة في القرآن الكريم، وعلى كُلٍّ أُلغي الرِّق وأُلغِيَت العبودية، وسيدنا عمر بن الخطاب يقول: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، كان عنده غلام (عبد) يخدمه، فناداه سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، فلم يجبه، ناداه مرة ثانية، فلم يجبه، ناداه مرة ثالثة، فلم يجبه، فخرج سيدنا علي يلتمسه، قال: فجاء فوجده مُضجعاً، قال: يا غلام، أما سمعتني أناديك؟ قال: بلى، قال: فما حملك على ترك جوابي؟ قال: أَمِنتُ عقوبتك فتكاسلت، انظروا إلى أخلاق سيدنا علي، عبد عنده يستطيع أن يفعل به ما شاء، قال: أمنت عقوبتك فتكاسلت، الحالة الطبيعية للإنسان أن يغضب، بكى سيدنا علي وقال: تَذَكَّر سيدنا علي يوم القيامة، اللهم لا تؤمنا مكرك، قولوا آمين، ولا تُنسنا ذكرك، قال: أَمِنتُ عُقوبتك فتكاسلت، قال: أنت حُرٌّ لوجه الله، انظر إلى هذه الأخلاق.

القصة الثانية: ذكرها المزي في "تهذيب الكمال"، وابن حجر في "الإصابة في معرفة الصحابة"، وابن الأثير في "أسد الغابة في معرفة الصحابة"، عن الأحنف بن قيس رضي الله تعالى عنه، قيل له: مِمَّن تعلمت الحلم؟ يضرب المثل به في الحلم، كما حصل مع أبي تمام يُضرب المثل بحلم الأحنف بن قيس، لما جاء مَدَحَ الخليفة قال له: في حلم أحنف في ذكاء إياس

فالأحنف بن قيس قيل له: ممن تعلمت الحلم؟ قال: تعلمته من قيس بن عاصم المنقري، كان جالساً في فناء داره، الفناء الساحة، أو خارج الدار كانوا يصنعون شيئاً مِن الفناء يجلسون في الطرقات، قال محتدياً بحمائل سيفه، قال: فَجِيء برجلين: أحدهما مقتول، والآخر مكتوف مُقيد بالحبال، قال: فوالله فما فَكَّ حَبوته، ما غير جلسته، يعني ولا أوقف قصته وكلامه، بقي يُكمل حديثه، فقيل له: هذا ابن أخيك قتل ابنك، قال: فوالله فما فَكَّ حبوته ولا قطع كلامه، أكمل فلما انتهى من كلامه التفت إلى ابن أخيه وقال: يا ابن أخي بئس ما فعلت، لقد أثمت ربك وقطعت رحمك وقتلت ابن عمك ورميت نفسك بسهمك، ثم التفت إلى ابنٍ له آخر، قيس بن عاصم المنقري، التفت إلى ابنه الثاني وقال: واري أخاك، اذهب ادفنه، واري أخاك، وَفُكَّ قَيدَ ابن عمك، وسق مائة ناقة إلى أُمِّك، فإنها امرأة غريبة عن قبيلتنا، أنهى الموضوع، ما هذا الحلم، والله هذا الجبال ما تحمله، أخلاق.

القصة الثالثة: ذكرها ابن الجوزي في "صفة الصفوة"، عن النعمان بن منذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رجل للفضل بن بزوان: إن فلان يقع فيك، يغتابك، فقال: والله لأغيظن مَن أمره، غَفَرَ اللهُ له، أنهى الموضوع ودعا له بالمغفرة، قالوا: مَن أمره؟ قال: الشيطان، الشيطان نَكَشه، قال له: اغتَبْ فلاناً، قال: لأغيظن مَن أمره، قال: غفر الله له، انتهى الموضوع.

القصة الرابعة: أخرجها العسكري في "مجمع المثال" وابن المفلح في "الآداب الشرعية"، يقول سيدنا خالد بن صفوان، وهو مِن كبار أهل الله يقول" شهدت عَمر بن عبيدٍ ورجلٌ يَشتمه، قال: فابتسم، والتفت إليه وقال: آجرك الله على ما ذكرتَ مِن صواب، وغفر الله لك ما ذكرت مِن خطأ، يقول سيدنا خالد بن صفوان: والله ما حسدت في حياتي إنساناً كحسدي لعمر على هاتين الكلمتين: آجرك الله على ما ذكرت مِن صواب، وغفر لك ما ذكرت من خطأ، عبارتين.

القصة الخامسة: أوردها الإمام الغزالي في الإحياء، قيل: للإمام الحسن البصري رضي الله تعالى عنه، سيد التابعين، تَرَبَّى في بيت أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم، قيل له: إن فلاناً قد اغتابك، سيدنا الحسن البصري مَن هو في علمه وزهده وصلاحه وعلمه وتقواه، قيل له: إن فلان قد اغتابك، فهز رأسه، فذهب إلى البيت فَصَنَعَ طبقاً مِن رُطَبٍ جَميل شَهِيِّ، قال: اذهبوا به إلى فلان، الذي اغتابه، فأخذوا هذا الطبق وذهبوا به إلى فلان، قال: وقولوا له إنَّه قد بلغني أنَّك قد أَهديتَ إِلَيَّ حَسناتك، لأن الذي يَغتاب إنساناً يوم القيامة تعرفون الحديث، هذا الإنسان تفرغ منه الحسنات، ثم يَؤخذ مِن سيئات الآخرين فيوضع في ميزان سيئاته، والعياذ بالله، وقال رب العزة والجلال في الغيبة: )أَيُحِبُّ أَحَدُكُم أَنْ يَأكُلَ لَحمَ أَخِيهِ مَيتَاً(، هذا يا إخواننا ما نحن مُبتلون فيه في مجتمعنا اليوم، لا يوجد مجلس خال من الغيبة، والله شهدنا أشياخنا أول ما يَبدأ الإنسان بذكر إنسان آخر يَقطعون حديثه، لا يرضون ذكر إنسان أمامهم في المجلس بسوء أبداً، الآن مِلح المجالس الغيبة، يا إخواننا وقد أوصل الإمام الذهبي في كتابه "الكبائر" أوصل الغيبة إلى الكبائر، قال: ومِن الكبائر الغيبة لورود القرآن بالتحذير منها، ولورود أحاديث كثيرة في هذا الموضوع والمضمار، عَدَّها مِن الكبائر الإمام الذهبي، على كل حال قال: خُذُوا هذا الطَّبق مِن الرطب -سيدنا الحسن البصري- وأعطوه له، وقولوا له يقول لك الحسن البصري: قد بلغني أنَّك أهديت إليَّ مِن حسناتك، فأرجو أن تقبل هذا مني وأن تسامحني، لأنني لا أقدر أن أكافأك على التمام، هي أغلى من طبق رطب بكثير، قال: قولوا له يسامحني، بس ما عندي غيره، والله يجب أن أعطيه أكثر، لأنه أهدى إلي حسناته.

يقول الإمام الغزالي بعد سوق هذه القصص يقول: هذه نفوسٌ قد ذُللت بالرياضة، إخواننا قسم كبير منكم لعب الرياضة، ويعرف الرياضة والنوادي الرياضية، الرياضة هي أن تداوم على التمارين الذي يريد أن يُحَسِّنَ أخلاقه يا إخواننا، يَجب أن يُداوم على المجاهدة، يعني يُروض نفسه، لا تقول: لا أستطيع، يِحتاج الأمر إلى رغبة أولاً في تحسين أخلاقنا، يكون عندك رغبة، اندفاع، دافع، أنا أريد أن أحسن أخلاقي، أنا إنسان أكذب، أريد ترك الكذب، أنا إنسان قليل أمانة، أريد أن أكون أميناً، أنا إنسان أغش، أريد إتقان عملي وأكون صادقاً، أنا إنسان أقوم بعلاقات مشبوهة مع النساء، أريد أن أنهي هذه العلاقات، أنا إنسان أقوم بكذا وكذا، يجب أن يكون رغبة حقيقية، وثانياً قوة إرادة، يقول الإمام الغزالي: هذه نُفوس -على السلف الصالح- قد ذُلِّلَت بالرياضة نفوسهم، فاعتدلت أخلاقها، ونقيت من الغش والغل والحقد بواطنها، فأثمرت الرضا بكل ما قَدَّره الله تعالى، وهو منتهى حسن الخلق، يُكمل الإمام الغزالي فيقول: فَمَن لم يُصادف مِن نفسه هذه العلامات، فلا ينبغي أن يَغتر بنفسه، فيظن بها حُسنَ الخلق، حُسنُ الخلق له علامات، إذا ما وَجَدتَ هذه العلامات موجودة فيك، لا تقل: أنا أخلاقي ممتازة، وأنا إنسان رائع، قال: فلا ينبغي أن يَغتر بنفسه، فيظن بها حُسنَ الخلق، بل ينبغي أن يَشتغل بالرياضة والمجاهدة إلى أن يَبلغ درجة حُسنِ الخُلُق، فإنها درجة رفيعة لا يَنالها إلا المقربون والصِّديقون.

إذاً الموضوع إخواننا أنا لا أقول: هو سهل، الموضوع يحتاج إلى مجاهدة وإلى رياضة، وقوله تعالى )قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا(، يدل على أنَّه موضوع فيه كُلفة وفي مشقة، تشديد الحرف )زَكَّاهَا(، )وَمَن تَزَكَّى(، التَّشديد في اللغة العربية يَدُلُّ على التفاعل، يحتاج لجهد، لكن أولاً هل حصلت الرغبة عندك في تحسين أخلاقك؟ هذا السؤال هام جداً.

أحد إخواننا الأشياخ المشايخ العلماء الأفاضل الدُّعاة في الحج أمام الكعبة المشرفة يقول لواحد من الناس رافقه في الحج قبل الأزمة، يقول له وقد رآه يُدَخِّن كل يوم 4 باكيتات، قال له: يا أبا فلان، نحن أمام الكعبة، وأنت أول مرة تزور وترى الكعبة، والآن الدعاء مستجاب، ادعُ ربنا عز وجل يُعافيك مِن الدخان، قال له: لا أريد، قال له: لماذا؟ قال له: أحلى متعة في العالم كله يا شيخنا هي متعة الدخان، لا يوجد رغبة.

شخص آخر له علاقات مشبوهة مع النساء، يقول له صديقه وقد نصحه كثيراً فقال له: يا فلان الله يرضى عليك والله كبرت، أصبح عمرك 42 / 43 سنة، اترك هذا الأمر وادع الله عز وجل في ليلة القدر، قال له: لا أريد، كل شيء إلا موضوع النساء، أنا لا أستطيع، يا أخي لا يوجد متعة أحلى من النساء في العالم كله، لا يوجد رغبة، لا يريد، هل عنده رغبة داخلية؟ لا يوجد، وكذلك الكذب، وكذلك الغيبة.

قصص كثيرة، وجود الرغبة والدافع أولاً، ثانياً قوة الإرادة.

إخواننا اليوم نحن نجد أنَّه كل ما ترونه في وسائل الإعلام المرئية على الفَضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي على النت، لاحظ توجهها الكلي يتوجه باتجاه واحد، إضعاف إرادة الشباب، وعدم المقاومة للشباب في أي شيء يطلبه الغرب منك، وهذا أمر هام جداً يجب أن يستيقظ له شبابنا وفتياتنا.

أمر ثالث هام جداً إخواننا اليوم إذا فتحتم الأفلام الصادرة عن هوليود، في قنوات الـ MBC كلها وفي غيرها من القنوات الفضائية المتخصصة بالأفلام لاحظ 95% مِن هذه الأفلام يدور حول العنف، وهو عكس ما جاء به ديننا، ديننا جاء باللطف، وهم ينشرون بين الناس العنف، كلها قتل وقتال وما شابه ذلك.

أمر ثاني أنَّ أفلام الرعب والأفلام الخيالية أيضاً كلها قتال، يراها شبابنا وفتياتنا، وتراها بناتنا وأطفالنا، الولد الآن صار عنده أحياناً صفة عدوانية في التعامل مع الناس، وهذا خلاف ما جاء به ديننا، ديننا دين اللطف وليس دين العنف، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا خير في من لا يألف ولا يُؤلف)).

إذاً يجب أن نُرَكِّز على هذه الأشياء التي نُساق إليها سوقاً بمساوئ الأخلاق وهي تربية العنف في نفوس الناس، تُلاقي الإنسان الآن لا يتحمل نفسه، لا يتحمل زوجته، ولا يتحمل أولاده، غضب غضباً شديداً، وله نتائج سلبية كثيرة، وهذه مشكلة كبيرة، ولنا تتمة في حديث الأخلاق.

أيها الإخوة: أسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم بما قلت وبما نسمع: من كتاب الله، ومن سنة رسول الله، وقصص سلفنا الصالح، إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

استغفروا الله يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1559
تحميل ملفات
فيديو مصور