الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2017-07-09 الساعة 20:34:35
كيف نحترز من الشيطان؟ (الجزء الأول)
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 13 من شوال 1438 هـ - 7 من تموز 2017 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل مِنَّا ومنكم صيامنا وصيامكم وقيامنا وقيامكم وصلاتنا وصلاتكم، أن يتقبلها ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، وألا يَضرب بشيء مِن ذلك يوم القيامة وجوهنا، اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة, اللهم كما أعنتنا على الصيام والقيام وقراءة القرآن وغض البصر وحفظ اللسان في رمضان، اللهم فثبتنا على ذلك بعد رمضان.

أيها الإخوة الكرام: تتمة لموضوعنا في رمضان حول الشيطان، وهل هو أمر معنوي؟ هل الشيطان أمر معنوي ليس له وجود كما قال بعض الشباب، وكما ينشر بين الناس، وكما ينشر بعض المثقفين بأنه لا وجود للشيطان، وإنما هي وساوس النفس، وهذا ما يُسمى بوسوسة النفس هو الشيطان، وأما ما عدا ذلك فلا وجود للشيطان، وقلنا لحضراتكم: إنَّ بَعض الناس يَقومون بنشر هذه الأفكار بين شبابنا وفتياتنا، ويُحاولون أن يقولوا لهم: لا يوجد شيء اسمه الشيطان، وما تسمعونه مِن الخطباء مِن حَديث النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا جاء شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وأغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين)) أي قُيدت فلا تتدخل بالوسواس للإنسان؛ هذا الكلام كله غير صحيح، وهذا الحديث أصلاً غير صحيح، هذا الحديث مَوجود في البخاري ومسلم، طبعاً قمت بجمع هذه الأحاديث التي تَكلم فيها سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم عن الشيطان، فكانت عشرات الأحاديث، تكلم فيها عن الشيطان، وما الذي يقوم به الشيطان من الأعمال، وما الذي يَفعله مِن الوساوس، ولكن اخترت لكم منها جُزءاً يَسيراً أعرضه على حضراتكم، لا مِن أجل أن نَرُدَّ تلك النظرية القائلة: لا وجود للشيطان، فإن هذا عقيدة راسخة عندنا، سمعنا هذه الأحاديث أو لم نسمعها، لأن القرآن نَاطق بها، ومُنكرها عنده إشكال عقائدي، )وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ( [البقرة: 34]، )ثُمَّ قُلنا لِلمَلائِكَةِ اسجُدوا لِآدَمَ فَسَجَدوا إِلّا إِبليسَ لَم يَكُن مِنَ السّاجِدينَ( [الأعراف: 11]، )إِلّا إِبليسَ كانَ مِنَ الجِنِّ فَفَسَقَ عَن أَمرِ رَبِّهِ( [الكهف: 50]، هكذا عندنا عقيدة راسخة، ليس أحد يُناقش فيه، الشيطان له وجود، الشيطان نوعان: ذكر وأثنى، الشياطين يتزاوجون فيما بينهم، ويأتون بأولاد الشياطين، لهم أتباع، يُرسلون أتباعهم إلى الناس، هذا الأمر بالنسبة لنا أمر عقائدي، ولكن سَأذكر هذه الأحاديث لحضراتكم، لأننا وعدنا أن نَذكر نُبذة عن كيفية الاستقامة والثبات على الاستقامة فيما بعد شهر رمضان المبارك، وقِسم مِن ذلك أن نُحصن أنفسنا من الشيطان الذي لم يَعد مُقيداً بعد شهر رمضان المبارك، نَبدأ مِن النَّاحية العقائدية: الناحية العقائدية هو اعتقادنا نحن المسلمين بأن الله سبحانه وتعالى هو خالقنا، وهو إله واحد فرد صمد، خلق أجناساً من الخلق، فخلق الملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وخلق الناس والمسلم أو الإنسان بشكل عام يُخطئ ويُصيب، فهو مُعرض للخطأ، ومنهم الصالح وغير الصالح، وخلق الجن مِن النار، إلى آخر ذلك، والجن منهم الصالحون ومنهم أيضاً الطالحون، من الناحية العقائدية نحن نعرف أن كل إنسان يُولد مِن أبوين، طيب أحياناً يَصل الإنسان -وهذا يحصل مع كثير من الناس، يحصل معه سلسلة من الأسئلة، سؤال وراء سؤال، وراء سؤال، حتى يصل إلى درجة يسأل: مَن خلق الله؟ أليس كذلك، حَصلت مع كثير مِن الناس، أحياناً بينه وبين نفسه يَصل في الأسئلة، طيب ما هو الله؟ مَن خلق الله؟ لأنه الإنسان تَفكيره قاصر، بمعنى قاصر على ما يراه ويشاهده من حواسه، العقل أداة حاكمة تُدخل المعلومات إلى العقل، مِن الحواس الخمسة، السمع البصر، تكون معلومات العقل يتعاطى في تحليل المعلومات وتركيبها مع هذه المعطيات من العقل من الحواس يتعاطى معها، يُحلل ويركب ثم يُعطيك النتائج، طيب الله عز وجل قال في القرآن الكريم )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ( [الشورى: 11]، سبحانه وتعالى، لذلك قال علماؤنا: كُل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(، لذلك لا تُفكر، لن تصل إلى نتيجة، كيف شكل الله؟ أين يوجد الله؟ مكانه؟ زمانه؟ لا تفكر، لن تصل إلى نتيجة، )لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(.

هذه الوسوسة حتى في الموضوع العقائدي من الشيطان، الدليل:

الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟))، مَن خلق أبو فلان، يعني جَاء مِن أمه وأبيه، مَن خلق كذا؟ مَن خلق كذا؟ مَن خلق كذا؟ حتى يَقول: مَن خلق ربك؟ الناحية العقائدية، مَن خلق ربك؟ يقول صلى الله عليه وسلم إذا حصل معك ذلك؛ قال: فإذا بلغ إلى هذه السلسلة مِن الأسئلة وبلغ إلى هذه النتيجة: مِن خلق الله؟ مَن خلق ربك؟ يقول عليه الصلاة والسلام: ((فليستعذ بالله ولينته)) فوراً، يقول الإنسان: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، فوراً، إذا وصل إلى هذا السؤال، ولينته، لا تكفي الاستعاذة، يجب أن ينتهي عن التفكير، يعني ينتهي عن التفكير يُوقف التفكير هنا، ويُفكر في مسألة أخرى، يَشغل نفسه ويُلهي نفسه بمسألة أخرى.

حديث آخر أيضاً برواية أخرى، جاء الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، إنا نسأل أنفسنا: مَن خلق كذا؟ ومَن خلق كذا؟ حتى نقول في أنفسنا: مَن خلق الله؟ ثم بعد ذلك نَستعيذ بالله سبحانه وتعالى ونَستغفر، نَستعيذ بالله ونستغفر من هذا السؤال، فقال عليه الصلاة والسلام: هذا مِن الشيطان، وأقرهم رسول الله على ذلك، قال لهم: صح استعاذة واستغفار لله وانتهاء عن التفكير، إذاً موضوع العقائد يتدخل فيه الشيطان.

المسألة الثانية: مَوضوع الصلاة، الصلاة عماد الدين، مَن أقامها أقام الدين، ومَن تركها هدم الدين، سأسرع سامحوني في الأحاديث حتى لا أُطيل عليكم.

أخرج البخاري في صحيحه أيضاً، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا نُودي للصلاة أدبر الشيطان))، لما يُؤذن إن كان أخي أبو النور أو كان أي مُؤذن في المساجد إذا نُودي للصلاة يعني إذا أَذَّن المؤذن أدبر الشيطان وله ضُراط حتى لا يَسمع التأذين، لا يُحب أن يسمع الأذان، أدبر أي يَهرب، فإذا قُضِيَ النِّداء أقبل أي يَرجع، لأنه لا يَسأم، وهذا الكلام تكلمناه، هو قال: ﴿لَأَقعُدَنَّ لَهُم صِراطَكَ المُستَقيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِن بَينِ أَيديهِم وَمِن خَلفِهِم وَعَن أَيمانِهِم وَعَن شَمائِلِهِم وَلا تَجِدُ أَكثَرَهُم شاكِرينَ﴾ ]الأعراف: 16-17[، يَعني أحياناً أنت تُفكر بشيء كبير، ثم تقول: أعوذ بالله، هذه كبيرة من الكبائر، أستغفر الله، الشيطان لا ييأس، يأتي لك بواحدة أصغر منها، مَعصية أصغر، يقول لك: لكن اعمل كذا بدل كذا، اعمل كذا هذه أسهل، فيعملها الإنسان، لا ييأس الشيطان منه، طيب ذَهب بعد ما انتهى الأذان أقبل مرة ثانية، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: حتى إذا ثُوِّبَ بالصلاة أدبر، ثُوِّبَ بالصلاة يعني أقام الصلاة، لما نُقيم الصلاة أيضاً يَهرب، لا يريد أن يسمع الأذان، حتى إذا ثُوِّبَ بالصلاة أدبر، حتى إذا قُضِيَ التَّثويب أقبل، لما تنتهي إقامة الصلاة يعود الشيطان مرة ثانية، يقول صلى الله عليه وسلم: ((حتى يَخطر بين المرء ونفسه)) الشيطان فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر، الإنسان وقف في الصلاة ليصلي، عقله في الصلاة، يقول له: لا تنسَ يوجد لديك موعد الساعة الثانية اليوم، احذر أن تنسى، لديك موعد الساعة الثانية، يرجع مرة ثانية عندما يُريد أن يَقرأ المصلي، لا تنس زوجتك قالت لك: أحضر الأغراض، أحضر كزبرة وبقدونس وعدة السلطة، لا تنس عدة السلطة، طيب خلص تذكرنا السلطة، خلصنا من السلطة، لا تنسى سيأتي لعندك أبو فلان، الآن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((الشيطان يأتي حتى يخطر بين المرء ونفسه)) في الصلاة، اذكر كذا، اذكر كذا، لما لم يكن يذكر الإنسان، حتى يَظل الرجل لا يدري كم صلى، كل ذلك مِن عمل الشيطان.

الحديث الثالث: أخرج البخاري، عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما قال: ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل، فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، ما صلى الفجر كلنا صلينا الفجر بشهر رمضان المبارك ومع الجماعة، انتهى شهر رمضان، اتصل أحد الإخوة وقال لي: والله بعد أن انتهى رمضان مِن ثاني يوم العيد نتكاسل عن صلاة الصبح، أريد حلاً لهذه المشكلة، قال لي: أقسم بالله كنت أعيش في نعيم الجنة في رمضان، فقط من أجل صلاة الفجر، قال لي: والله في نعيم الجنة كنت أعيش، فقط من أجل صلاة الفجر، لنستمع إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو يعالج لنا ذلك، إذاً ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل، قال لهم: أين فلان، قالوا له: لم يحضر صلاة الصبح، ما زال نائماً حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((بال الشيطان في أذنه))، الشيطان أمر واقع، ((بال الشيطان في أذنه)).

الحل: أخرج البخاري في صحيحه، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد: يضرب كل عقدة مكانها)) لما يعقد العقدة فوق الإنسان، إذاً شيء حقيقي أنت لا تراه، ليس كل ما لا تراه ليس موجوداً، نحن لا نرى الله لكن ربنا موجود سبحانه وتعالى، قولوا: آمين، اللهم لا تحرمنا يوم القيامة النظر إلى وجهك الكريم، الآن لا نرى الله، لكن سنراه جميعاً إن شاء الله يوم القيامة، ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ ]القيامة: 22-23[، ليس كل ما لا تراه معنى ذلك أنه غير موجود، ((بال الشيطان في أذنه)) عندما يحين وقت النوم يَعقد الشيطان على رأس أحدكم ثلاث عقد، عند كل عقدة يقول: ((عليك ليل طويل فارقد، عليك ليل طويل فارقد)) يقعد ويقرأ عليك، بدل أن تقرأ أنت عليه الشيطان هو الذي يَقرأ عليك، ماذا يَقول لك: ((عليك ليل طويل فارقد، عليك ليل طويل فارقد، عليك ليل طويل فارقد))، يَقرأ عليك، يقول صلى الله عليه وسلم: ((فإذا استيقظ فذكر الله انحلت عقدة))، عندما تتقلب في الفراش -وهذا يحصل مع كثير من الناس- أنَّه يَشعر بالوقت، يوجد شَخص قال لي: أقسم بالله كأني على موعد مع صلاة الصبح، أستيقظ بعد الأذان بخمس دقائق دائماً، قلت له: ماذا تفعل، قال لي: أنظر إلى الساعة وأضع رأسي وأنام، قلت له: طيب اذكر الله سبحانه وتعالى، قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، يوجد أناس منزعجين جداً لأنهم لا يقومون على صلاة الصبح، ويوجد أناس غير منزعجين، أما أولئك فيأتيك أحدهم مُحترق مِن داخله، يقول لك: من أجل الله، صلاة الصبح، هذه أفضل الصلوات الخمس، هذه صلاة الغداة، و((مَن صلى الفجر في جماعة كان في ذمة الله)) ما يُصيبه مكروه، ولا يتعرض الشيطان له، سيدنا الرَّسول صلى الله عليه وسلم يقول: لا الشيطان يتعرض له، ولا يصيبه هم ولا غم ولا تعب ولا نصب في هذا اليوم الذي صلى فيه الفجر مع الجماعة، قال:

لا يعرف الشوق إلا مَن يكابده *** ولا الصبابة إلا مَن يعانيها

الحمد لله في رمضان كلنا شعرنا بلذة صلاة الفجر، فالإنسان يُريد حلاً: يقول لك صلى الله عليه وسلم: ((إذا ذكر الله انحلت عقدة)) من العقد الثلاثة التي عقدها على رأس الإنسان، انحلت عقدة من هذه العقد الثلاثة، فإذاً لما تتقلب في الفراش وتنظر إلى الساعة بعينك اليمنى، وأنت مُغمض عينك اليسرى، تخاف أن يطير النوم من عيونك، اذكر الله، قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، انحلت عقدة، قال: ((فإذا توضأ -يقوم فوراً- فإذا توضأ انحلت عقدة، فإذا صلى انحلت عقده كلها)) يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان))، يعني لم يذكر الله، ولم يتوضأ، ولم يصل، استيقظ متأخراً إلى العمل مباشرة، لأنه الشغل عنده أهم من الصلاة.

عرفتم إخواننا كيف أن عند كثير مِن الناس أول سلم الأولويات العمل، يقول: هذا رزق، الصلاة الله غفور رحيم، طبعاً هذه معادلة خاطئة، يقول صلى الله عليه وسلم: ((أصبح خبيث النفس كسلان))، أحد الأشخاص يقول: والله في اليوم الذي تفوتني فيه صلاة الفجر كُلُّ نهاري مُعكر، قلت له: أقسم بالله أصدقك، لأنه سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((وإلا أصبح خبيث النفس كسلان))، فيأتي أحدهم فيقول: أنا لا استيقظ لصلاة الصبح، وأنا والله دائماً الحمد لله مسرور، ولست خبيث النفس ولا كسلان، هذه حالة مرضية نريد أن نبحث عن حل لها.

لا أريد أن أطيل عليكم، لكن هذه حالة مرضية، ما معنى حالة مرضية، يعني أنت وصلت إلى درجة لم يعد عندك فرق بين أصبح طيب النفس وبين خبيث النفس، وبين نشيط وبين كسلان، إذا أنت هكذا على هذه الشاكلة لا تصلي الفجر وأنت دائماً مسرور؛ الله يهنيكم جميعاً إن شاء الله، الله يديم السرور علينا وعليكم دائماً والسرور والسعادة في الدنيا وفي الآخرة، معنى ذلك عندنا مشكلة، وهذه المشكلة أن الله عز وجل لا يُريدك أن تكون مِن أهل طاعته، فانتبه، لكان هناك مشكلة، لذلك الله حَذفك مِن الديوان، لكن الإنسان المؤمن الحقيقي عندما لا يُصلي الفجر يصبح عنده مشكلة نفسية، وإذا لم يكن عندك مشكلة معنى ذلك أنه يجب أن نُعيد أنفسنا إلى ديوان الله، يَكون الاسم قد انحذف، هذه مشكلة، نحن نريد أن نكون مع الله لا أن نكون مع الشيطان.

أختم الخطبة بهذين الحديثين:

أخرج البخاري في صحيحه، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة، الإنسان يَلتفت ينظر هنا ينظر هنا، سألت النبي عن التفات الرجل في الصلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هو اختلاس يختلسه الشيطان مِن صلاة أحدكم)) يَعني يُحذرنا سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، يسرقك من نفسك، تكون أنت خاشع وتفكر في الآيات يَسرقك من نفسك ومن الخشوع، يَسرق الخشوع منك، فتلتفت وتفكر في أشياء موجودة من حولك.

الحديث الأخير الذي نختم به، ثم بعد ذلك نتمم إن شاء الله تعالى في الخطبة القادمة، أخرج مسلم في صحيحه، عن سيدنا عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه يقول: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يُلبسها علي، نُلاحظ الأحاديث إخواننا؟! جئت بالأحاديث فقط التي ذكر فيها سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم الشيطان وحذرنا منه، طبعاً أحاديث كثيرة، مئات الأحاديث، أنا اختصرت على بعضها، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي يُلبسها علي، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ذاك شيطان يقال له: خنذب أو خنذب)) لا يُشترط في الأسماء الأعجمية الضبط، كما ذكر علماء اللغة، قال: ((فإذا أحسسته -يقول صلى الله عليه وسلم- فتعوذ بالله منه، واتفل عن يسارك ثلاثاً))، يقول هذا الصحابي سيدنا عثمان بن أبي العاص: ففعلت، فأذهبه الله عني، حتى سيدنا الرسول ذَكر لنا اسمه هذا الشيطان الذي يوسوس في أثناء الصلاة، قال علماؤنا شراح الحديث: لا يتفل في الصلاة، الإنسان المقصود بهذا الحديث خارج الصلاة إذا أحس بذلك، أما داخل الصلاة يتعوذ بالله سراً في نفسه، يتعوذ بالله سراً في نفسه، والأفضل للإنسان أن يَفعل ذلك قبل صلاته، وعندما يرفع يديه ويتوجه إلى القبلة يَعلم ما معنى رفع اليدين، معنى رفع اليدين أنك تَركت الدنيا كلها خلف ظهرك وأقبلت على الله، فلا يكونن للشيطان مِن صلاتك نصيب، لا يكون له نصيب من صلاتك يُلبسها عليك.

طبعاً للحديث تتمة، ولا أريد أن أطيل عليكم، ولكن السؤال: ما الحل؟ ما الحل؟ سنرى الحل إن شاء الله في الخطبة القادمة في كل فعل مِن أفعالك يتدخل فيه الشيطان، ورد عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أن الشيطان يدخل إلى بيتك له وظيفة، لكي يدخل وينام عندك ويأكل عندك ويشرب عندك، ولما تخرج من بيتك له وظيفة، ولما تكون مع أهلك في الفراش له وظيفة، كل شيء له وظيفة، الشيطان قاعد متربص، وكل شيء له ذكر خاص ودعاء خاص يجب أن نحفظه، لكن نتابع ذلك إن شاء الله تعالى في الخطبة القادمة.

لكن أعطيكم الحديث العام حول ذلك الذي، أخرجه الترمذي في سننه، عن سيدنا الحارث الأشعري رضي الله تعالى عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العبد لا يحرز نفسه مِن الشيطان إلا بذكر الله))، اذكروا الله يغفر لنا ولكم، وأقول هذا القول، والله عز وجل يُلهمنا التطبيق.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 947
تحميل ملفات
فيديو مصور