الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2017-02-05 الساعة 09:05:13
إنَّ هذا الدين يسرٌ
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 29 من ربيع الآخر 1438 هـ - 27 من كانون الثاني 2017 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

إِلهِي إِنْ يَكُن ذَنبِي عَظِيمَاً
فَمِمَّنْ أَرتَجِي مَولايَ عَطفَاً
تَرَكتُ النَّاسَ كُلَّهُمُ وَرَائِي
فَعَامِلنِي بِلُطفِكَ وَاعفُ عَنِّي

 

فَعَفوُكَ يَا إِلَهَ الكَونِ أَعظَمْ
وَفَضلُكَ وَاسِعٌ لِلكُلِّ مَغنَمْ
وَجِئتُ إِلَيكَ كَي أَحظَى وَأَنعَمْ
فَإِنْ تَغضَبْ فَمَنْ يَغفِر وَيَرحَمْ

اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة, وعمنا جميعاً بفضلك الكبير.

للهم ارحمنا برحمتك الواسعة يا الله، وعمنا جميعاً بفضلك العظيم، اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما لا أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

أَعِذْنِي رَبِّي مِن حَصَرٍ وَعِيٍّ

 

وَمِن نَفْسٍ أُعَالِجُهَا عِلَاجَاً

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: تحدثنا في خطب سابقة عن معالم هذا الدين ومعالم هذا التشريع، وتحدثنا عن صفات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأنه هو القائل عن نفسه: ((أنا نبي الرحمة))، والله عز وجل يقول فيه: )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ([الأنبياء: 107]، فتكلمنا عن رحمة هذا الدين ورحمة هذا التشريع الإلهي بالناس، واليوم نطرق معلماً آخر وصفة أخرى من صفات هذا الدين التي ينبغي على المؤمن العلم بها، ولا يجوز الجهل بها، ألا وهي صفة اليسر، الذي بني عليه هذا الدين، الرحمة واليسر، فكلكم يعلم ويحفظ قول الله سبحانه وتعالى: )يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ([البقرة: 185]، ويحفظ قوله سبحانه وتعالى: )فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ([الشرح: 5-6]، ونحفظ كذلكم قول الله تعالى:) وَمَا جَعَلَ  عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ([الحج: 78]، ونحفظ قوله تعالى: )لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا( [البقرة: 286]، هَذه الآيات وقوله تعالى أيضاً: )يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا( [النساء: 28]، تُعطيك معلماً واضحاً أن هذا الدين مبني على اليسر.

الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده، عن سيدنا بُريدة الأسلمي، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ خَير دينكم أيسره)) ثلاث مرات، فلنحفظ هذه الأحاديث والآيات ولنحفظها لأبنائنا، فنحن الآن بحاجة إلى درع وإلى وقاية مما يشاع عن إسلامنا وديننا، وللأسف انتشر هذا بين أبنائنا في كثير من مرافق ومفاصل الحياة، في جامعاتهم، في مدارسهم، في المناطق التي يذهبون إليها، انتشرت أفكار خاطئة عن الإسلام وعن الدين، ((إن خير دينكم أيسره)) ثلاث مرات يُعيدها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه، الذي يرويه سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول عليه الصلاة والسلام: ((يسروا ولا تعسروا, وبشروا ولا تنفروا)).

وأخرج كذلكم الإمام البخاري في صحيحه، عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا الدين يسر))، تعريف الدين في الأمر الذي يتبادر للإنسان أن يقول رسول الله: إن هذا الدين عقيدة، عبادات، معاملات، أحوال شخصية، قضاء، إن هذا الدين أخلاق، قال عليه الصلاة والسلام: ((إن هذا الدين يسر))، عَرَّف الدين أنه يسر، ((ولن يُشاد الدين أحد إلا غلبه))، الدِّين يَغلبه ويعود إلى يُسره، ((فيسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وسددوا وقاربوا)).

ويقول كذلكم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده، عن سيدنا عبد الله بن عباس ابن عم الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم حبر هذه الأمة، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إياكم والغلوَّ في الدين))، الغلو: التشدد والتطرف، إياكم، يُحذرنا، ((إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين)).

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه، عن سيدنا عبد الله بن مسعود الذي رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رضيه لأمته، فقال: ((رضيت لأمتي ما رضيه لها ابن أم عبد))، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطعون))، المتنطعون: المتشددون والمتطرفون، الغالون هلكوا، يدعو عليهم بالهلاك رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال شراح الحديث، أو يُخبر عن واقعة حال أن كل مُتنقط مُتشدد سيهلك.

وكذلكم تقول السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها في الحديث المتفق عليه أيضاً: (ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً)، عندنا فتويان، عندنا حلان، حل بهذا الطريق وحل بهذا الطريق، بأيهما نسير وبأيهما نفتي، على أيهما نحمل الناس؟ رسول الله يسأل: أيهم أيسر للناس؟ هذا الحل يا رسول الله، توكلوا على الله، (إلا اختار أيسرهما مالم يكن إثماً).

وكذلكم يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده، عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: ((بُعثت بالحنيفية السمحة))، فهذا الدين -أيها الإخوة- دين يسر.

الحديث الذي أخرجه أحمد في مسنده وكذلك البيهقي، وهو مروي عن صحابيين جليلين، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، وعن سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن هذا الدين مُتين)) متين: أي قوي، وكلمة قوي ليس يعني شديد، لا يُشترط بالإنسان القوي أن يكون شديداً، قد تكون قوياً في بنيتك ولكن أنت رفيق بالناس، أنت إنسان سهل، أنت إنسان متفهم، على خلق، متعاون، ((إن هذا الدين متين))، أي قوي، كلمة قوي لا يعني تشدد، ((فأوغلوا فيه برفق))، أي ادخلوا بهذا الدين، ادخلوا فيه برفق، خذوا تعاليمه شيئاً فشيئاً، كما علمنا القرآن كيف حرمت الخمر؟ على مراتب وعلى درجات وعلى أوقات مُتباعدة، كذلك أوغلوا أي ادخلوا في هذا الدين وخذوا تعاليمه برفق، تتمة الحديث: ((فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى))، ما معنى هذه القطعة من الحديث؟ ((فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى))، المنبت: هو الذي يُواصل السير -كما قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث- هو الذي يواصل السير بشكل دائم، في زمانهم كان يُوجد دواب، يَضع الإنسان راحلته عليها، وهذا السفر يَحتاج مثلاً إلى خمسة عشر يوماً، فيُواصل ليله ونهاره مِن أجل أن يصل بوقت قليل، أن يُسرع وأن يُنجز، هذا يقال عنه المنبت، هذا المنبت -يقول الرسول صلى الله عليه وسلم- يُتعب نفسه ويتعب دابته، فربما بتواصله هذا لا يستطيع أن يُكمل سفره ويقضي على دابته، تهلك دابته، ((المنبت لا أرضاً قطع)) ولو أنجز خمسة أيام، لكن ربما لا يستطيع المواصلة، ((لا أرضاً قطع ولا ظهراً أي -ولا مركوباً- أبقى))، يجب أن تستريح، وأن تريح دابتك، أن تُطعمها وأن تُريحها، لتستطيع المواصلة بك في السفر، ((إن هذا الدين متين، فأوغلوا -أي ادخلوا- فيه برفق، فإن المنبت -الذي يُريد أن يواصل وأن يتشدد- لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى))، لذلك عندما نقرأ هذه النصوص ونُحفظها لأبنائنا نأخذ مَعلماً جديداً لا يجوز الجهل به عن هذا الدين، وهو أن هذا الدين يسر.

دخل أعرابي -وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه- دخل أعرابي المسجد، أعرابي من البدو دخل المسجد، ورسول الله مع صحابته، فرفع يديه إلى السماء فقال: (اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد حَجَّرتَ واسِعَاً))، الواسع الذي حَجَرَهُ وضَيَّقَهُ قوله تعالى: )وَرَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ  ([الأعراف: 156]، ((لقد حجرت واسعاً))، مَن الذي أعطاك الفتوى وأعطاك حق الكلام أن تحجر على الناس الرحمة؟ قال: ((لقد حجرت واسعاً))، يقول سيدنا أبو هريرة، فما لبث هذا الأعرابي نفسه أن قام فبال في المسجد، فقام إليه الصحابة لِيَزجُرُه، فقال عليه الصلاة والسلام: ((دعوه، لا تَزرِمُوه))، أي لا تقطعوا عليه بوله، لأنه جاهل لا يعرف، لكن في أقدس مكان، في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، يفعل هذا وداخل المسجد؟ ((لا تزرموه)) لا تقطعوا عليه بوله ((وأريقوا على بوله ذنوباً من ماء))، أي دلواً من ماء، ((فإنما بُعثتم مُيسرين ولم تبعثوا مُعسرين))، الحديث فيه شاهدان: الشاهد الأول: ((لقد حجرت واسعاً))، (ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً). والشاهد الثاني: رسول الله يقول للصحابة: ((فإنما بعثتم))، كيف بعثوا؟ الصحابة لم يبعثوا؟ الذي بُعث هو رسول الله، كيف يقول لهم: ((فإنما بعثتم))؟ أي فإنما بُعثت أنا بشريعة تُطبقوها، فاعلموا إذا طبقتموها أن تأخذوا باليسر وأن لا تأخذوا بالعسر، يقول شراح الحديث: وكأن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بِعثة لأمته، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان لطيفاً جداً، وكان يتعامل باليسر مع كل الناس، وكان في حياته دائم البسمة، وأبو الدرداء كان دائم البسمة دائم البشر، فقالت له أم الدرداء: يا أبا الدرداء، لم أنت دائم البشر، يقول الناس عنك إنك مجنون؟ فقال: (لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر)، كان يتعامل بلين مع مَن حوله، بيسر مع من حوله.

أخرج الإمام أحمد في مسنده، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كُنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال للجيش: تقدموا، فتقدم الجيش، فقال لها رسول الله: يا عائشة، أتُسابقين؟ الرسول كان لَطيفاً فوق ما تتصور، مِن ألطف الناس، قال: يا عائشة أتسابقين؟ قالت: نعم أسابق يا رسول الله، قالت: فتسابقت معه فسبقته، فسكت عني حتى حملت اللحمَ، يعني صارت سمينة وزاد وزنها، فكنا في سفر فقال للجيش: تقدموا، فتقدم الجيش، قال: يا عائشة أتسابقين؟ قلت: نعم يا رسول الله، أسابق، تقول: فسابقت رسول الله فسبقني، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك: ((هذه بتلك)).

أخرج البخاري في صحيحه، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، -انظر إلى يسر رسول الله مع أهل بيته، وهو ينعكس على الناس دائماً، الإنسان في أهل بيته يكون في يسر، يكون في يُسر مع الناس، يَكون لطيفاً في بيته ويكون لطيفاً مع الناس، وهناك أناس عندهم العكس، خارج المنزل لطيف وداخل المنزل غير لطيف، هذا ليس من أخلاق النبوة ولا من أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم- تقول السيدة عائشة: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد)، الأحباش جاؤوا من الحبشة وعندهم رقصة، فلكلور شعبي للحبشة يَرقصون بالحراب في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن ما في أي مخالفة شرعية، هذا الشيء يَجب أن نضع له قيداً، وهو هام، إذا لم يكن فيه مخالفة شرعية، (أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون بحرابهم) نوع من أنواع اللعب بالحراب، يعني بالرمح (في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، يسترني بردائه) لا يمنعها طالما أنه يسترها وأنه لا مخالفة شرعية في ذلك، فزجرهم سيدنا عمر: تلعبون بالحراب في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال له سيدنا رسول الله: ((دعهم يا عمر، أمناً بني أرفدة)) هم ينتسبون إلى جد من أجدادهم اسمه أرفدة، ((أمناً بني أرفدة)) خافوا من سيدنا عمر، فقال لهم: أكملوا.

أخرج الإمام أحمد في مسنده، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثاً، كان يجمع النساء ويحكي لهم قصة، وهذا فقدناه اليوم في العائلات والأسر، الناس اليوم جالسة على الرائي، على الفضائيات، وعلى الجوالات، لا أحد يجتمع مع أهل بيته، يقرؤون رواية أو قصة أو شيئاً من شمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سِيرته، أو قِصَّة مِن قصص الصحابة أو الصحابيات، أو قصة فيها عبرة، أو رواية أدبية، وهذا يترك في ذهن الابن والزوجة والبنت يترك في الذاكرة أمراً إيجابياً رائعاً، أن تدعو أهل بيتك وتقرأ معهم، لن ينسوه أبداً في حياتهم، نعم تقول السيدة عائشة: (حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثاً، فقالت امرأة منهن: يا رسول الله، كأن الحديث حديث خرافة)؟ قالت: ما هذه القصة الخرافية؟ يا رسول الله، كأن الحديث حديث خرافة؟ فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: لها أتدرون ما خرافة؟ كان خرافة رجلاً من قبيلة عذرى، أسرته الجن في الجاهلية، أسروه الجن وأخذوه فمكث فيهم دهراً طويلاً، ثم ردوه إلى الإنس، أخذوه عشرين أو ثلاثين سنة بقي عند الجن، ثم ردوه فرجع إلى قبيلته وقومه، فكان خرافة يُحدث الناس بما رأى في الجن من الأعاجيب، فقال الناس: حديث خرافة.

أخرج أبو داود في سننه -ونختم بهذا الحديث- عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر أو تبوك، شكت من غزوة خيبر أو مِن غزوة تبوك، وفي سهوتها ستر، المكان الذي تَضع فيه أغراضها، فيها ستر، فقالت: فَهَبَّت رِيح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة، أي لُعب للسيدة عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، كان عندها ألعاب تلعب فيهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا يا عائشة، قالت: بناتي يا رسول الله، لأن السيدة عائشة لم تُرزق الولد، فتعتبر هذه الألعاب بناتها، قالت: بناتي يا رسول الله، فَقَلَّب فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأى فرساً له جناحان مِن الرقاع، يعني جلد أو مِن أقمشة، فرس وله جناحان، فقال: ما هذا الذي أرى وسطهن، قالت: فرس يا رسول الله، فقال عليه الصلاة والسلام: فرس له جناحان؟ فقالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه.

إذاً دِيننا فيه لعب، وفي فرس، وفي بنات صغار، وإذا قالت المرأة أو البنت: هذه بناتي، كل ذلك موجود في السيرة والسنة والشمائل، ونحن بعيدون عنها لعدم قراءتنا لها، كَثير من هذه الحوادث نجهلها، لأننا نُضيع الأوقات في أشياء لا تفيدنا، وهذه مشكلة كبيرة -أيها الإخوة- وعلى كل قراءتنا لشمائل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخلاقه، واطلاعنا على ما جاء في هذا الدين العظيم، سيُقوي ثقافتنا وسيُقوي يقيننا بأن هذا الدين حق، وسيُشَكِّلُ لنا وقاية من الأراجيس التي تُقال هنا هناك عن الإسلام بسبب فئة قليلة من الناس مُبرمجة مأجورة، من خلالها يُريدون أن يشوهوا صورة الإسلام عند الشعوب الغربية، وينفروا المسلمون من دينهم، فيجب أن نُوغل في هذا الدين أي أن نَدخل فيه، وأن نقرأه لكن برفق.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم, استغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1449
تحميل ملفات
فيديو مصور