الخميس 16 شوال 1445 - 25 أبريل 2024 , آخر تحديث : 2024-04-14 09:52:35 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2016-12-30 الساعة 16:56:48
فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 17 من ربيع الأول 1438 هـ - 16 من كانون الأول 2016 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون.

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

إِلهِي إِنْ يَكُن ذَنبِي عَظِيمَاً
فَمِمَّنْ أَرتَجِي مَولايَ عَطفَاً
تَرَكتُ النَّاسَ كُلَّهُمُ وَرَائِي
فَعَامِلنِي بِلُطفِكَ وَاعفُ عَنِّي

 

فَعَفوُكَ يَا إِلَهَ الكَونِ أَعظَمْ
وَفَضلُكَ وَاسِعٌ لِلكُلِّ مَغنَمْ
وَجِئتُ إِلَيكَ كَي أَحظَى وَأَنعَمْ
فَإِنْ تَغضَبْ فَمَنْ يَغفِر وَيَرحَمْ

اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة, وعمنا جميعاً بفضلك الكبير.

اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما لا أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

أعذني ربِّ من حَصَر وعيٍّ *** ومن نفس أعالجها علاجاً.

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: فهذه الذكرى التي مرت علينا ذكرى غالية على قلوبنا جميعاً، ذكرى ولادة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد أسلفتُ في الخطبة السابقة أن خَيرَ ما نُقدمه هدية لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بهذه الذكرى استقامةٌ على نهج الله ورسوله، أن يَعقد كل واحد مِنَّا العزم على التوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يَجعل مِن هذه الذكرى نُقطة تحول في حياته، ذلكم لأننا انغمسنا جِداً في هذه الحياة، وأقصد أننا انغمسنا جداً لا أقصد في الأموال فقط، وفي التجارات والعمل، وإنما ابتعدنا عن الله عز وجل كثيراً، فكل شيء في حياتنا له نَصيب من الوقت، إلا أنه إذا جاء وقت الطاعة جَعلنا صلاتنا صلاة سريعة خالية من الخشوع، يَقف الإنسان في صلاته فلا يدري كم ركعة صلى، ولا يعلم الموضوعات التي تجول في خاطره إلا الله، وهو في الصلاة، وبعد ذلك كله ينتهي من صلاته فيقوم فوراً إلى عمله وإلى شغله، لا يجلس بعد انتهاء الصلاة بين يدي الله، ليسبح الله ثلاثاً وثلاثين، ويحمده ثلاثاً وثلاثين، ويكبره ثلاثاً وثلاثين، ويختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، وفي هذا مكسب شخصي له وليس لرب العزة والجلال، لأن مَن فعل ذلك كما قال سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: ((غُفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر))، لا يقرأ بعد الصلاة آية الكرسي، فهي سنة عَقب كل صلاة، ومن واظب عليها -كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- على آية الكرسي بعد كل صلاة: ((ليس بينه وبين الجنة إلا أن يموت))، فإذا مات إلى الجنة مباشرة، وبعد ذلك كله نجد أن صلاة الفجر ليس لها نصيب من حياتنا، سواء أكانت مع الجماعة أو كانت حاضراً في المنزل مع الأهل، فَكثير من الناس لا يُصلون الفجر، لأنهم يَسمرون ويسهرون إلى ساعة متأخرة، ثم ينامون دون أن يُصلوا صلاة الفجر، فإذا ذهبت صلاة الفجر ذَهبت البركة من حياتنا، ثم بَعد ذلك كله كثير مِنَّا لا يخلو مجلسه من غيبة أو نميمة، )أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ( [الحجرات: 12]، ثم بعد ذلك انتشر الكذب في الحديث وفي الكلام، فإن كثيراً من الناس يَصدق، ولكن كثيراً ما يكذب أيضاً، والمؤمن لا يكذب، ثم بعد ذلك كله نَرى غفلة عن ذكر الله عز وجل، فلا نَذكر الله إلا قليلاً، وهذا مِن علامات المنافقين، )إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى -كسالى إلى الصلاة- يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا( [النساء: 142]، فأصبح فينا صفات من صفات المنافقين، أما المؤمنون فيذكرون الله كثيراً، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّـهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا( [الأحزاب: 41-42]، فإذاً هناك أشياء كثيرة ابتعدنا فيها عن الله، ولا أعمم الأحكام فكثير منا ما ذكرته هو تجاوزه، تجاوز القنطرة، وأحسن صلته بالله عز وجل، وأحسن معاملته مع العباد، هذا كله تكلمنا عن الصلة فيما بيننا وبين الله، لم نتكلم عن فشو فساد الأخلاق في المعاملات المالية والمعاملات الأسرية وغير ذلك، فما أحوجنا -أيها الإخوة- في هذه الذكرى إلى أن نعيد حساباتنا، وأن تكون هذه الذكرى انطلاقة خير لنا جميعاً، وصلحاً مع الله سبحانه وتعالى، وتبرم صفقة بينك وبين الله، فتقول: يا رب أعاهدك أنني سأكون ملتزماً قدر جهدي واستطاعتي، وتلتزم بالأوامر الشرعية، وما أسهل الالتزام بها، فالله عز وجل يقول: )لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا( [البقرة: 286]، فما كلفنا الله به ضمن وسعنا وطاقتنا، هذه أعظم هدية نقدمها لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، وَثِقْ تماماً أن الله عندما يَفرح بتوبة عبده يَفرح رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه يَوم القيامة يُباهي بنا الأمم بعباد الله المؤمنين الطائعين، يُباهي الأمم بهم، يكون سواد أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عظيماً وكبيراً، السواد يعني الكثرة من الناس، وبذلك نرضي الله ونرضي رسول الله.

وهُناك هدية أخرى -أيها الإخوة- نقدمها لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده، وهي الإكثار من الصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالله عز وجل جعل الإيمان برسول الله شرطاً في الإسلام والإيمان، لا يُقبل إسلام امرئ ولا إيمانه إلا بأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، فلو شهد الأولى ولم يشهد الثانية لم يكن مؤمناً ولا مسلماً، نص على ذلك وأجمع عليه كل أئمة الإسلام، لا تكفي شهادة أن لا إله إلا الله، ولا يكون مسلماً ولا مؤمناً إلا وأشهد أن محمداً رسول الله، ورب العزة والجلال عظَّمه، ففي كل أذان يُشهد أنه لا إله إلا الله، ويُشهد أن محمداً رسول الله، وفي التشهد في صلاتنا، في صلاتنا إن كانت ثنائية ركعتين بعد التشهد نَقرأ الصلوات الإبراهيمية، فهي جُزء من عبادتنا، الصلاة على رسول الله جزء من عبادتنا، أولاً حتى نحفظها ونحفظها لأبنائنا، جُزء من إيماننا وإسلامنا الشهادتان، جزء من ذكر أذاننا، جزء من عبادتنا الصلاة على رسول الله، وهي واجبة فلا تصح الصلاة إلا بها بعد التشهد الصلوات الإبراهيمية عند الإمام أحمد وعند الإمام الشافعي، وكذلكم في صلاة الجنازة، فصلاة الجنازة أربع تكبيرات، بعد التكبيرة الأولى نقرأ الفاتحة، بعد التكبيرة الثانية الصلوات الإبراهيمية، الصلاة على رسول الله جزء من عبادتنا، وبعد التكبيرة الثالثة الدعاء للميت، وبعد التكبيرة الرابعة اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله، فإذاً الصلاة على رسول الله جزء من عبادتنا، ثم إن المنتفع من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن، ففيها أي في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الفوائد ما لا يُعد ولا يحصى، فنقول -أيها الإخوة- هي مجموعة أحاديث نختم بها الخطبة إن شاء الله:

الحديث الأول: أخرجه البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، وأصحاب السنن عن سيدنا جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي))، ألا تُريد شفاعة رسول الله يوم الحشر، يوم تدنو الشمس من رؤوس العباد مقدار ميل، فقال: والله لا أعلم هل هو الميل الذي نعرفه أو ميل المكحلة؟ شفاعة رسول الله منوطة بهذا الدعاء لرسول الله. والرواية الثانية: أخرجها الإمام مسلم وأصحاب السنن، عن سيدنا عبد الله بن عمر بن العاص، يقول سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثلما يقول))، مثل ما يقول المؤذن باستثناء تعرفون إذا قال: حي على الصلاة ماذا نقول؟ لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: حي على الفلاح كذلك نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، بعد انتهاء الأذان يقول عليه الصلاة والسلام: ((ثم صلوا علي وسلوا الله لي الوسيلة، فإن من صنع ذلك وجبت له شفاعتي))، إذاً الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان وعقب الأذان، فانظر إلى عظيم قدرها ومنزلتها.

يوم الجمعة الذي نحن فيه، فيه حديث صحيح أخرجه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما، والدارقطني في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وأبو داود والنسائي في سننهما، عن سيدنا أوس بن أوس الثقفي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خَلق الله آدم، وفيه قُبض -سيدنا آدم، انتقل إلى الرفيق الأعلى يوم الجمعة- وفيه النفخة -يوم ينفخ في الصور يكون يوم الجمعة- وفيه الصعقة -عندما يُصقع الناس يكون يوم الجمعة- يقول رسول الله: فأكثروا من الصلاة علي فيه -أي في يوم الجمعة- فإن صلاتكم معروضة علي)) طبعاً إخواننا لا أذكر حديثاً إلا صحيحاً، أحاديث ضعيفة ما نذكرها على المنبر، كلها أحاديث صحيحة، ((فأكثروا علي من الصلاة فيه -أي في يوم الجمعة- فإن صلاتكم معروضة علي))، يَستغرب الصحابة قالوا: يا رسول الله، وكيف تُعرض عليك صلاتنا وقد أرمت)) وقد بليت، فقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء))، الحديث الصحيح الآخر الذي يُصدق هذا ويدعمه، أخرجه أبو داود في سننه وغيره، أيضاً عن سيدنا أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما مِن أحد يُسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام))، اللهم صل على سيدنا محمد وسلم عليه تسليماً كثيراً، ((ما مِن أحد يُسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)).

في كل مجلس الصلاة على رسول الله واجبة، فقد عنون بعض المحدثين في هذا الحديث الصحيح، بل بالغ في الصحة أيضاً، عنونه: وُجوب ذكر الله والصلاة على رسول الله في كل مجلس، وجوب، هذا الحديث أخرجه أصحاب السنن، والذي أقرؤه الإمام الترمذي، والإمام أحمد في مسنده، وكذلك ابن أبي شيبة في مصنفه، لكن هذا الذي أذكره هو نص سنن النسائي، عن سيدنا أبي هريرة، وعن سيدنا أبي سعيد الخدري، للحديث راويان، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَجلس قوم مجلساً ثم لا يصلون فيه على رسول الله)) الرواية الأخرى: ((ما قَعد قَوم مَقعداً لا يذكرون الله فيه ولا يُصلون على رسول الله))، الرواية الثانية هذه رواية النسائي: ((لا يَجلس قوم مجلساً ثم لا يصلون فيه على رسول الله؛ إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة، وإن دخلوا الجنة)) الله أكبر، وإن دخلنا الجنة يا رسول الله نَتحسر على هذا المجلس الذي لا نَذكر فيه الله ولا نصلي فيه عليك؟ قال: نعم، إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة وإن دخلوا الجنة، لما يَرون من الثواب، تجد بين الرجل وغيره ألف منزلة، لماذا ارتفع فوقه بهذه المنازل؟ قال: كان يُكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

دخول المسجد والخروج منه، أخرج الإمام أحمد في مسنده، وابن ماجه في سننه، وابن أبي شيبة في مصنفه، وغيرهم أيضاً، والحديث مَروي عن أكثر من صحابي، عن السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها، تقول السيدة فاطمة وهي مُقِلَّة مِن الحديث عن رسول الله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صَلى على محمد، وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج مِن المسجد صلى على محمد، اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وقال: وافتح لي أبواب فضلك)، طيب العلامة الطيبي قال: لماذا يَدخل الإنسان المسجد فيقول: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، قال: لأنه داخل إلى عبادة، والعبادة تُناسبها الرحمة، وعندما يخرج من المسجد لماذا يقول: افتح لي أبواب فضلك؟ وفي رواية أخرى: اللهم إني أسألك من فضلك العظيم عندما نخرج من المسجد؟ قال: لأنه عندما يخرج من المسجد يَذهب لطلب الرزق، فإذا ذهب لطلب الرزق ناسب أن يَسأل الله من فضله، بأن يرزقه الدخول للمسجد والخروج من المسجد.

في كل صَباح ومساء، وهذا الحديث أخرجه الطبراني والمنذري والهيثمي، وإسناده جيد، عن سيدنا أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صلى علي حين يصبح عشراً عشر مرات -في الصباح- وحين يمسي عشراً؛ أدركته شفاعتي يوم القيامة))، اللهم صل على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، عشر مرات في الصباح، وعشر مرات في المساء.

بَقي حديثان نختم بهما هذه الخطبة:

الحديث الأول: أخرجه أحمد وابن ماجه، عن سيدنا عامر بن ربيعة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تُصلي عليه مَا صلى علي))، الملائكة تُصلي عليك ما دمت تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، كيف تصلي علي الملائكة؟ قال: تدعو لك بالرحمة، الصلاة من الملائكة لنا رحمة، وأنت تقول: اللهم صل على سيدنا محمد، الملائكة تقول: اللهم ارحمه، اللهم ارحمه، اللهم ارحمه، اللهم ارحمه، اللهم ارحمه، الملائكة تُصلي عليك وتدعو لك بالرحمة ما دمت تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَن صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي، فليُقل عبد من ذلك أو ليكثر))، كم يلزمك من الرحمات؟ إذا كان يلزمك القليل منها خفف صلاتك على النبي، أما إذا يلزمك رحمات كثيرة ومغفرة كبيرة مِن الله فأكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الحديث الأخير: أخرجه الإمام الترمذي في سننه، عن سيدنا أُبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله، إني لأكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ الصلاة في اللغة هي الدعاء، أنا كل يوم مُخصص دعاء لنفسي ساعة، وأنا أكثر من الصلاة عليك، في ساعة الدعاء التي خصصتها لنفسي أدعو فيها لنفسي كم أُخصص لك من الوقت من هذه الساعة، يا رسول الله، إني لأكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ((ما شئت))، قلت: الربع؟ قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير))، قال: النصف يا رسول الله، قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير))، قال: الثلثين، قال: ((ما شئت، وإن زدت فهو خير))، قال: إذاً أجعل لك صلاتي كلها يا رسول الله، قال: أنا إذاً لا أريد الدعاء لنفسي في هذه الساعة، هذه الساعة خَصصها سأجعلها كلها صلاة عليك يا رسول الله، فقال له عليه الصلاة والسلام -لما قال له إذاً أجعل لك صلاتي كلها- قال: ((إذاً تُكفى همك ويغفر ذنبك))، لأنك قدمت رسول الله على نفسك بالدعاء، أنت تُصلي على النبي في الوقت الذي خصصه لنفسك، وربي عز وجل سيجعل هذه الصلاة سبب مغفرة لك وكفاية همك، ((مَن صلى علي صلاة صلى عليه الله بها عشراً)) في صحيح مسلم.

لذلك -أيها الإخوة- بعد الاستقامة على نَهج الله وعَقد الصلح مع الله، والتوبة والإنابة إلى الله، لنجعل هذه الأيام أيام صلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، لأننا بحاجة إلى الفرج، لأننا بحاجة إلى الخروج من هذه الأزمة، وهناك أسباب للخروج من الأزمة كثيرة، لا مجال لذكرها، ولكن كثرة ذكر الله أولاً، الاستقامة، والعودة إلى الله، التوبة والإنابة، الوقوف عند شرع الله، وثانياً كثرة ذكر الله، وقيام الليل، والدعاء بالأسحار، وصلاة الفجر، وعودة الأخلاق الحميدة إلى التعامل فيما بين الناس، والتراحم فيما بيننا، ((الراحمون يرحمهم الرحمن))، وكثرة الذكر وكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، مِن أسباب انتهاء الأزمة والفرج القريب العاجل، كيف تَدعو لك الملائكة؟ اللهم ارحمه، اللهم ارحمه، لو كل الناس صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وأكثروا مِن ذكر الله، ((ومن ذكرني في نفسه -يقول ربي عز وجل- ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملئ ذكرته في ملأ خير منه)) كيف نُضام؟ لكن ذكر الله أصبح قليلاً فيما بيننا، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قترنا منها، فلنجعل هذه الصلاة هدية لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، استغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين.

 

 

 

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1684
تحميل ملفات
فيديو مصور