الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب مدير الأوقاف

تاريخ النشر 2016-12-28 الساعة 09:14:56
الإنفاق في سبيل الخير
الشيخ أحمد سامر القباني

بتاريخ: 19 من رمضان 1437 هـ - 24 من حزيران 2016 م

الحمد لله، الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله الذي هدانا لهذا الدين القويم، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، حمداً لك ربي على نعمائك، وشكراً لك على آلائك، سبحانك لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده، لا شيء قبله ولا شيء بعده، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،  صفيه من بين خلقه وحبيبه، خير نبي اجتباه، وهدى ورحمة للعالمين أرسله، أرسله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون والملحدون .

وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى، وأحثكم وإياي على طاعته، وأحذركم ونفسي من عصيانه ومخالفة أمره، وأستفتح بالذي هو خير.

اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وأن خير الهدي هدي رسول الله r، وأن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيد( [الحج: 1-2].

إِلهِي إِنْ يَكُن ذَنبِي عَظِيمَاً
فَمِمَّنْ أَرتَجِي مَولايَ عَطفَاً
تَرَكتُ النَّاسَ كُلَّهُمُ وَرَائِي
فَعَامِلنِي بِلُطفِكَ وَاعفُ عَنِّي

 

فَعَفوُكَ يَا إِلَهَ الكَونِ أَعظَمْ
وَفَضلُكَ وَاسِعٌ لِلكُلِّ مَغنَمْ
وَجِئتُ إِلَيكَ كَي أَحظَى وَأَنعَمْ
فَإِنْ تَغضَبْ فَمَنْ يَغفِرُ وَيَرحَمْ

اللهم ارحمنا برحمتك الواسعة يا الله، وعمنا جميعاً بفضلك الكبير، اللهم إني أعوذ بك من التكلف لما لا أعلم، كما أعوذ بك من العجب بما أعلم، وأعوذ بك اللهم من السلاطة والهذر، كما أعوذ بك من العِيِّ والحَصَر.

أَعِذْنِي رَبِّي مِن حَصَرٍ وَعِيٍّ

 

وَمِن نَفْسٍ أُعَالِجُهَا عِلَاجَاً

وبعد أيها الإخوة المؤمنون: درج في بيت أهله على منهج آبائه وأجداده، درج على هذا المنهج واتبعهم اتباعاً أعمى، وجدهم يعبدون الأصنام فعبدها معهم، وجدهم يسجدون للأصنام فسجد لها، ويكرمونها فكرمها، ويتخذونها شفعاء عند الله فاتخذها، وقالوا: هذه الحجارة تقربنا إلى الله فقدسها، فنشأ على هذه التربية في مدينة لم تكن في ذلك الوقت مشهورة، كانت تُسمى يثرب، ثم بعد ذلك اشتهرت وصارت المدينة المنورة، هذا الرجل درج في هذه المدينة على هذا الشك مقلداً تقليداً أعمى، ومتبعاً اتباعاً في ضلال وغي، لم يعمل عقله ولا فكره، وإنما اكتفى بما وجد عليه آباءه وأجداده، اسمه زيد بن سهل بن الأسود، من كبار الخزرجيين، والمدينة فيها الأوس والخزرج، من كبار الخزرجيين ومن أغناهم، كان لديه بستان واحد فقط من ضمن أملاكه، فيه الآلاف من شجر النخيل، قيل: ثمانية آلاف نخلة، فتصور مردود هذا الإنسان السنوي من المال، وتصور كم هو غني إذا كان واحد من أملاكه بستاناً فيه آلاف من النخيل!.

زيد بن سهل بن الأسود، وكنيته أبو طلحة، -الكنية في اللغة العربية أبو فلان وأم فلان، هذه هي الكنية في اللغة العربية- كنيته أبو طلحة، هذا الرجل الغني الذي درج على عبادة الأصنام والأوثان، عشق امرأة حتى أحبها حباً جماً، فملكت عليه روحه وسيطرت على جوارحه، وكما يقولون: الحب أعمى، ومن أحب شيئاً بذل له كل ما يُريد، ذهب إليها وكلمها، فقال لها: يا فتاة أنا أحبك، قالت: قد علمت ذلك، قال: فأنا أخطبك، قالت: أهلاً وسهلاً، قال: فما رأيك؟ قالت: مثلك بين الرجال لا يُرد، وجيه زعيم، غني مؤدب، لبق مهذب، هل ترده لو جاء خاطب ابنتك؟ لا أظن، مثلك في الرجال لا يُرد، ولكنك امرؤ كافر، تجعل مع الله آلهة أخرى، تعبد أصناماً تقربك إلى الله، وأنا فتاة مسلمة، أنا امرأة مسلمة، ولا يَجوز لمثلي أن يتجوز مثلك، مثلك لا يُرد يا أبا طلحة، قالت له: أنت تعبد الأصنام، وأنا امرأة مسلمة، ولا يجوز في شرعي لمثلي أن يتجوز مثلك، قال: قد فهمتك يا أم سليم، لأن التي عشقها وأحبها امرأة اسمها أم سليم، قال: قد علمت ما شأنك، قالت: ماذا علمت؟ قال: أنت تَرغبين في امرئ أكثر غنى مني، لأنك فاتنة الجمال وعظيمة الأصل، وأنت مطلوبة في كل يثرب، كل يثرب تتحدث عنك، فأنت تنتظرين من هو أغنى مني، قالت: لا والله، ما هو بذاك، قال: وكيف أعلم أنك لا تطلبين إنساناً أغنى، قالت: إن أسلمتَ فذاك مهري، قال: فلن أُسلم، ثم تركها وانصرف، وذهب إلى بيته، وقلق تلك الليلة، فلم ينم، ثم استيقظ فذهب إلى عمله، وجاء في الليلة الثانية لينام فلم ينم، وفي الثالثة والرابعة، حتى مضت أيام، والعشق يأكل قلبه، ماذا يفعل؟ فذهب إليها محاولاً مرة أخرى، قالت: الأمر ما سَمعتَ، فإن أسلمت فذاك مهري، قال: وإذا أراد أن يُسلم الإنسان عندكم كيف يسلم، قالت: يذهب إلى صَنمه فيحطمه، ثم يغتسل، ثم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن فعل ذلك فقد أسلم، قال: فانتظريني، فذهب فكسر صنمه، واغتسل ولبس ثياباً جديدة، وجاء إليها قال: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يقول صحابة النبي صلى الله عليه وسلم: فوالله ما كُنا نرى في يثرب والمدينة امرأة أكرم وأغلى مهراً من أم سليم، كان مهرها الإسلام، انظر إلى هذه الفتاة الجميلة الرائعة المثقفة الواعية الداعية العالمة، وانظر إلى فتياتنا ونساءنا اليوم، فدخل في الإسلام من أجل امرأة، كما دخل بعض الصحابة في الإسلام من أجل المال، لأن في سهم الزكاة سهماً اسمه المؤلفة قلوبهم، نتألف به قلوب الناس ليدخلوا في الإسلام، ونحن نَعلم أن العقائد ليست لعبة ولا مزاحاً ولا هزلاً ولا لهواً، يدخل الناس في الإسلام يا رجل، قال: لأننا مطمئنون، نحن فقط نُريدهم أن يدخلوا في الإسلام، فإذا دخلوا فيه سوف يحبونه، فإذا دخل فالإسلام كفيل بأن يجذبه، المهم أدخله في باب الإسلام، الإسلام العظيم الذي ضاعت كثير من تعاليمه اليوم، في السلوك وفي النفوس، نسأل الله تعالى أن يعود كما كان في عهد الصحابة وآل بيت الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.

نعم من أغنى أغنياء المدينة أبو طلحة، فحسن إسلامه، ثم كان هذا الرجل قد شهد المواقع كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل قول الله سبحانه وتعالى: )لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون( [آل عمران: 62]، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تزوج أم سليم، طبعاً وحسن إسلامه، وشهد مع رسول الله المشاهد والمواقع، قال: يا رسول الله، هل نزل عليك قول الله عز وجل: )لن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون(؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فقال: يا رسول الله، فإني أُشهدك أن أحب أموالي إلي البيرحاء، والبيرحاء هذا البستان الذي حَدثتكم عنه فيه آلاف من النخيل، وفيه ماء بارد، كان في قبلي المسجد النبوي، والآن هو جزء من الحرم النبوي في المدينة، كان رسول الله يَدخل منه فيشرب منه ماء بارداً عذباً، في ذاك الحر الشديد، وفي ذلك المكان العتيد، ويدعو لأبي طلحة، قال: يا رسول الله، فإني أشهدك أن أحب أموال إلي البيرحاء، وإني قد جعلتها لله ورسوله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله لك في مالك وفي أهلك، ولكني أرى أن تجعلها في الأقربين، أي أعطها لقرابتك، قال: فجعلها أبو طلحة في أقاربه.

)لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون( وليس مما تكرهون، البر هو رأس الخير، إذا كنت تريد الأفضل فأفضل الخير أن تُنفق مما تحب، وليس معناها أنت إذا أنفقت من غير ما تحب أنك لن تأخذ الأجر والثواب، )لن تنالوا البر( البر: رأس الخير، أعظم شيء بأنواع الخير هو البر، )حتى تنفقوا مما تحبون(، وإذا أنفقنا من غير ما نُحب؟ قال: أخذت الأجر والثواب، لكن ما وصلت لدرجة البر.

وتمضي السنون والأيام، ثم يَغدو على النبي صلى الله عليه وسلم ضيف، ويقول له: ابن سبيل انقطعت به الطرق، -ورسول الله في مسجده مع صحابته- رجل انقطعت به السبل، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتات زوجاته، سيدنا الرسول كان عنده بيوتات، يعني البيت في اللغة العربية هو الغرفة، يعني مثلاً جدار هذا المسجد فيه أبواب، كل باب على غرفة، كل باب على غرفة، كل باب على غرفة، كل زوجة كان لها غرفة، فأرسل إلى بيوتات أزواجه، ما عندكن لنضيف الرجل؟ والوقت وقت مساء، وكلهن أرسلن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جواباً موحداً، كل زوجاته جواب واحد، والله يا رسول الله ما عندنا إلا الماء، صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله، سيد الخلق ورئيس الدولة وقائد الجيش، سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم يُرسل إلى كل زوجاته مِن أجل أن يضيف رجلاً: ما عندكن؟ والله ما عندنا إلا الماء يا رسول الله، ولكنَّ فقرَ رسول الله كان فقراً اختيارياً، وأنا نبهت على ذلك، لأن له خمس الغنائم، ولم يكن إجبارياً، كان يأتيه المال، لكن لا يبيت عنده شيء منه، كل هذا المال يُنفقه، وجاءه مرة مال كثير من الذهب والدنانير، قال: فجعل يضع منها في صرة ويربطها، ويقول لعائشة: أرسلي هذه إلى آل فلان، ثم يربط ويقول: أرسلي هذه إلى آل فلان، قَسَّم كل هذا المال، والسيدة عائشة تأتي بالغلام، اذهب إلى بيت فلان، بيت فلان، بيت فلان، آل فلان، قال: فحضرت الصلاة، جاء وقت الصلاة، فقال: يا عائشة، اقسميه بين فقراء المسلمين، وقام إلى الصلاة، وقسمته السيدة عائشة، ورجع سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيته لينام، فإذا به يتقلب في الفراش، يتقلب في الفراش، ولا يستطيع النوم، وأصابه القلق، وليس هذا من عادته، يتقلب في الفراش ولا يستطيع النوم، ثم قال: يا عائشة، ما فعلت بالمال الذي قلت لك أن تقسميه بين فقراء المدينة، قالت: يا رسول الله قسمته بينهم، قال: هل استبقيت منه شيئاً، قالت له: يا رسول الله استبقيت دينارين أُصلح بهما حالنا، قال: يا عائشة، قومي فأنفقيهما، فهما والله اللذان حرماني النوم، أو فهما اللذان أرقاني، لم يستطع النوم. ففقره صلى الله عليه وسلم اختياري، سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم معه مال كثير، يأتيه المال فينفقه كله في سبيل الله، لكن هذا ابن السبيل يسأل، يريد أن يُستضاف في بيت من البيوت، أن يأكل، أن يشرب، أن ينام، أن يستريح، يُرسل إلى بيوتات زوجاته، والله يا رسول الله ما عندنا إلا الماء، فالتفت إلى الصحابة، قال لهم: مَن يُضيف هذا -ابن السبيل عابر السبيل- هذه الليلة يرحمه الله؟ فوراً رفع يده سيدنا أبو طلحة الأنصاري، هذا الرجل قال: أنا يا رسول الله، وهل ما زال غنياً؟ قال: لا للأسف، سيدنا أبو طلحة جعل ماله كله في سبيل الله، وأصبح من أكثر فقراء المدينة، لكنه أراد أن يحظى بدعوة سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: مَن يُضيف هذا الليلة يَرحمه الله؟ قال كلمة يرحمه الله، قال: فأخذه سيدنا أبو طلحة، فدخل على أم سليم، قال: ما عندك؟ قالت: ولم؟ قال: معي ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: أهلاً وسهلاً بضيف رسول الله، والله ما عندنا إلا عشاء الصبية، قال: علليهم حتى يناموا، قالت: هذا الطعام لا يَكفيني ولا يكفيك ويكفي هذا الضيف، هذا الطعام لا يكفي لشخص واحد.

ملاحظة: هذه القصة ذكرت في الكتب التي ترجمت لسيدنا أبي طلحة زيد بن سهل بن الأسود رضي الله تعالى عنه بالسند المتصل، فهذه قصص واقعية وليست خيالية، هي وقائع كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نعرف كيف فتحوا العالم كله بأقل من مائة سنة، هؤلاء الرجال هم الذين فتحوا العالم، وفتحوا قلوب العباد قبل أن يفتحوا أسوار البلاد، لنعرف لماذا نجحوا بأقل من مائة سنة بتلك الإمكانيات المتواضعة، لا يوجد وسائل اتصال حديثة، ولا يوجد أسلحة حديثة، من الصين شرقاً إلى فرنسا غرباً، ومن بلاد الأناضول شمالاً إلى أواسط إفريقيا جنوباً، في أقل من مائة سنة، حتى نعرف لماذا فتحوا تلك البلاد، بهذه القصص الخالدة، خلدها الله لهم، لو أراد الله أن تندثر لاندثرت كما اندثر الأسبقون، الله خلدها، ليس عندنا طعام إلا للصبية، علليهم حتى يناموا، حتى نضيف ضيف رسول الله، قالت: فإنه لا يكفي إلا لرجل واحد، قال: تظاهري بأنك تقومين إلى السراج لكي تُصلحيه فأطفئيه، فيأكل الضيف ونتظاهر بأننا نأكل معه، فيأكل الضيف ويَشبع ونحن لا نأكل، قالت: أبشر يا أبا طلحة، هذه أم سليم التي قالت له: مهري الإسلام، وهذا سيدنا أبو طلحة الذي جعل بستانه البيرحاء في سبيل الله، هذا الرجل وهذه المرأة أصبح حالهما ما عندهم من الطعام إلا ما يكفي الصبية، ففعلت ذلك، وضعت الطعام، أهلاً وسهلاً تفضل، تظاهرت أنها تُصلح السراج فأطفأت السراج، فأكل الضيف وحده الطعام، وتظاهرا بأنهما يأكلان، فأكل الضيف وشبع، فغدا أبو طلحة مع الضيف إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الفجر، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا أبا طلحة ضحك، وقال: يا أبا طلحة لقد ضحك الله من صنعكما بضيفكما الليلة.

فالنتيجة أن سيدنا أبا طلحة رجع مات وهو ملياردير، ما تفكر أنك إذا تعاملت مع الله أن الله عز وجل يخذلك، إذا أنت تعرف إنساناً غنياً، وإنساناً ذا مقام وذا منصب، فتصبح تمشي بالعرض، وإذا كنت تعرف الله، وإذا كان سيدي الله معك فمن ضدك؟ مَن كان الله معه فمن عليه؟ ومن كان الله عليه فمن معه؟.

سيدنا عبد الرحمن بن عوف ثلاث مرات خرج عن ماله كله في سبيل الله، ما ترك شيئاً في بيته، كان من أغنى أغنياء الصحابة، صالح زوجةً له طلقها في مَرض موته على جزء من الثُّمن بثمانين ألف دينار ذهب، جزء من الثمن هي حصتها، حوالي 500 ألف دينار، جزء من الثمن، انظر كم كانت ثروته، سيدنا عبد الرحمن بن عوف أنفق ماله كله ثلاث مرات في سبيل الله، خرج عن ماله كله، ومات وهو ملياردير.

وسيدنا أبو بكر الصديق كذلك، وسيدنا عثمان بن عفان كذلك، وكل صحابة النبي صلى الله عليه وسلم كانوا على هذا المنهج، في الإنفاق وفي البذل، وكانوا يَرون أنهم إذا دفعوا ذلك في سبيل الله فمعنى ذلك أنهم يقوون الأمة ويرفعون عنها البلاء ويواسون الفقراء.

ورمضان قال سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم فيه: ((وهو شهر المواساة))، نريد أن نواسي الفقراء يا إخواننا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان: ((مَن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه))، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شهر رمضان بأنه شهر يزاد فيه في رزق المؤمن، غنياً كان أو فقيراً، ربي يزيد في رزق المؤمن، وهذا الشيء ملموس نلحظه كلنا في شهر رمضان، فلنري الله سبحانه وتعالى من أنفسنا خيراً.

لا تنسوا أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الذي أخرجه البخاري، ورواه سيدنا أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: ((ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وملكان يناديان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الملك الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً))، الممسك إلى التلف، والمنفق إلى الخلف.

وأخرج الترمذي في سننه، عن سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ثلاثة أقسم عليهن -سيدنا الرسول قال: ثلاثة أقسم عليهن- وأحدثكم حديثاً فاحفظوه: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر)) الذي يسأل الناس ربنا يفتح عليه باب الفقر بسؤاله للناس، ويقصد بالسؤال أن يطلب ويستجدي أموال الناس وهو غير محتاج لها.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه يغفر لكم.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 992
تحميل ملفات
فيديو مصور