الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

خطب الجامع الأموي

تاريخ النشر 2017-02-21 الساعة 12:20:28
التوكل على الله تعالى
الشيخ مأمون رحمة

بتاريخ: 29 من ربيع الآخر 1438 هـ - 27 من كانون الثاني 2017 م

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن الصحابة ومن اهتدى بهديهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.

عباد الله، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل، واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين.

يقول المولى جل جلاله في محكم التنزيل:) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( [الشعراء: 217-220].

معاشر السادة: التَّوكل هو شعور بهيمنة الله على الحياة، وبأن حركاتها وسكناتها محكومة بأمره، ومحكومة بحوله وقوته، لا يُمكن أن تَنِدَّ منه أو تبعد عنه، واستقرار هذا الشعور في القلب يَجعل صِلة الإنسان بربه عَميقة، وركونه إليه واضحة، ولكي نُدرك الأساس العقلي لهذا الشعور يَجب أن نلقي نظرة لا افتعال فيها على ما يدور حولنا مِن شؤون وعلى مسلكنا المعتاد بإزائه.

إن أحدنا يخرج من بيته إلى عمله في الصباح وهو مالك لأمره، يَعتقد أنه ليس عليه أكثر مِن أن يُحرك قدميه إلى حيث يصل، وتلك وسائل مَقدورة له، ولَعل بعض الماديين مِن الناس يقولون: ما دامت تلك الوسائل في حوزته فلا معنى للتفكير فيما وراءها.

ونَحن نريد أن نتأمل في هذا القول ومدى صدقه، ونُريد أن نسأل أنفسنا: هل نستطيع أن نعتمد على هذه الوسائل، ونستغني بعدها عن للتوكل؟.

إن الساعة في معصمك والمنبه الذي في بيتك لا يدوران إلا بعد أن تمدهما بالذي يحتاجانه للحركة، فإن غفلت عن ذلك تَوقفت العقارب وسكت الدَّق، هل القلب الذي بين حناياك كذلك؟ إن دقاته لا تهدأ أبداً، إنه يخفق أردت أم لم ترد، إنه يُواصل عمله ليلاً ونهاراً، وأنت نائم وأنت يقظان، فهل لك عليه من سلطان؟ فإذا خرجت من بيتك وشاء مالك التصرف فيه أن يوقفه فمن يمنعه؟ ولنفترض أنك مالك لأجهزتك الظاهرة والباطنة، وأن هيمنتك عليها شاملة كاملة، فماذا تملك مِن ظروف الحياة الخارجية؟.

إن الحركة الواسعة التي تَدور في الشارع بعيدة عَن نطاق حكمك، ولو تنبه حِسُّكَ أشد التَّنبه ما أمكنك أن تسيطر على شيء، ويُمكن على حِين غرة أن تصاب بأذى شديد من قشرة برتقالة تحت قدمك أو من سيارة مُسرعة لم يُحسن قائدها الابتعاد عنك.

إن هناك أشياء كثيرة لا يتم مراد الإنسان إلا بتوفرها جميعاً، وهذا التَّجميع والتنسيق لا تحكمهما مَشيئة البشر، ونحن المؤمنين لا نَرُدُّ ذلك إلى حظوظ عمياء، بل إلى مشيئة الخالق الكبير المهيمن على كل شيء، حيث قال سبحانه: )وَإِلَيهِ يُرجَعُ الأَمرُ كُلُّهُ فَاعبُدهُ وَتَوَكَّل عَلَيهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلونَ( [هود: 123].

من أجل ذلك كثرت الأوامر في الكتاب والسنة بالتوكل على الله جل وعلا، لأن التَّوكل علم بالله وصفاته وما ينبغي له، وفيه بصيرة من العبد بالحدود التي تعمل في نطاقها قدرته وإرادته، وبالمدى الواسع الذي تتصرف فيه الإرادة العليا والقدرة العليا، والمتوكل بهذه اليقظة الفكرية والنفسية أهل لأن يَظفر برعاية الله وتوفيقه ومحبته، وإلى ذلك أشار القرآن بقوله سبحانه: )إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ( [آل عمران: 195]، وقال سبحانه: )وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا( [الطلاق: 3]، أي أنَّ اللهَ يَكفي مَن لاذ به واعتمد عليه، وهو سبحانه يَستحيل أن يفوته ما يريد، فهو بالغ أمره لا محالة، بَيد أنه أدار الكون على قوانين مقدورة وسنن معلومة، حيث قال سبحانه: )وَإِن مِن شَيءٍ إِلّا عِندَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلّا بِقَدَرٍ مَعلومٍ( [الحجر: 21].

ومن الجهل بالله وصفاته أن يَتوقع أحد الخذلان والضياع مع ارتباطه بالله وتوكله عليه، وقد جاء في نظم القرآن الكريم تَساؤل غريب يَكشف وجه الحق عن هذه القضية: )أَلَيْسَ اللَّـهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَن يَهْدِ اللَّـهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّـهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ( [الزمر: 36-37].

لقد بين لنا الإسلام أن التوكل إيمان بالغيب بعد استنفاد كل الوسائل المقررة في عالم الشهادة، إيمان بالله بعد أداء كل ما يَرتبط بالنفس من واجبات، حيث يَذكر العلماء أن أحد الأئمة رأى فقيراً ينطلق إلى الحج دون زاد، فسأله: أين زادك؟ فقال: أنا متوكل على الله، فقال: أمسافر أنت وحدك؟ قال: بل مع القافلة، فقال له: أنت متوكل على القافلة.

وهذا حق، فهذا متأكل لا متوكل، وهذا الصنف جاهل بالإسلام، ومعرفته بالله غامضة يشوبها حمق كثير.

إن التوكل -يا سادة- يجيء صدقاً وسكينة في موضعه الحق، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك، فمنها: طلب الرزق، وطلب الرزق غريزة لدى الأحياء كلهم، ما إن تبدو تباشير الصباح حتى يَستعد الفلاح والتجار والصناع للدخول في كفاح طويل أو قصير، كي يُحرز كل امريء منهم قوته وقوت أسرته، وهذا الكفاح محك قاس للأخلاق والمسالك، فإن اللهفة على تأمين مطالب العيش قد تُلجئ أصحابها إلى الختل والتلون أو الكذب والحيث، وربما وجدت الضعاف يتملقون الأقوياء، والصغار يذوبون في الكبراء، والإسلام يرفض أن يكون الكدح وراء الرزق مزلقة لهذه الآثام كلها، ومن ثم فهو يطلب بصرامة أن يكون الارتزاق من أبواب الحلال المحض، وألا يلجأ أحد أبداً إلى غش أو ذل أو ضيم ليجتنب به ما يشاء.

إن الوسائل التي حددتها الشريعة هي وحدها الأسباب الشريفة التي يقوم بها المرء ثم يقف عندها مرتقباً في ثقة ما تتمخض عنه من نتائج، والتزام التقوى في معالجة هذه الشؤون وأمثالها هو منطق الإسلام، وهو منطق منتج لا عقيم، وتأكيداً لأهمية التقوى مع التوكل قال سبحانه: )وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ( [الطلاق: 2-3]، والتقوى هنا رعاية الشرف في الكسب والاستقامة في الطلب، فإن إلحاح الرغبة في طلب الكفاف أو في طلب الثراء قد يدفع إلى اللئم والعوج، وحجزاً للنفوس عن هذه المهاوي قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البزار: ((لا يحملنكن استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته)).

هناك موطن آخر يستحب فيه التوكل، إنه موطن الكفاح الذي يحمل عِبْأَه أصحاب الرسالات ويتعرضون فيه لمخاوف مزعجة، ولا يثبتون فيه على الروع والغبن إلا لأملهم في الله واستنادهم إليه، وإلا بالتوكل الذي ينير أمامهم ظلمات الحاضر، ويجرؤهم على مواجهة الجبروت بقوة وثبات، والقوى الشريرة التي يُواجهها حملة المبادئ ليست عدواً سهلاً، وإنقاذ الحقائق الكبيرة والحقوق الضائعة مِن بطش هذه القوى عمل يَقترن بالمعجزات، فإن الاستكانة المطلقة التي تغمر الأفئدة وتَطويها على الخوف من هؤلاء الأقوياء الأشرار تجعل انتصاب المصلحين أمامهم والدخول في معركة مَريرة لاستئصالهم تجعل ذلك حلاً فادح الثقل مرهوب العقبى، وإننا -يا سادة- لطول ما بلونا نقدر موقف نقدر موقف موسى وأخيه عندما أمرا بالذهاب إلى فرعون ونصحه، )قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَن يَفرُطَ عَلَينا أَو أَن يَطغى * قالَ لا تَخافا إِنَّني مَعَكُما أَسمَعُ وَأَرى( [طه: 45].

إن الشعور بصحبة الله هو المؤنس في هذه الوحشة، وهو المشجع في هذه الرهبة، وذاك معنى التوكل في تلك المواقف، وهو ما نزل به الوحي على قلب الرسول أول ما طرقته الرسالة، فقال الله له: )وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا * وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ( [المزمل: 8-10].

ونحن نجد التوكل على الله هو المعنى الشريف الجليل الذي يَلوذ به المكافحون ويرقبون معه مستقبل رسالتهم ومطلع الفجر وسط ما يخيم عليهم من إظلام، إنه ليس فقط القوة المعنوية التي يتحاملون بها على جِراحاتهم، بل هو كذلك اللفظ الملغوم الذي يجري على ألسنتهم ويسمعه منهم خصومهم وهم يناقشونهم، )وَما كانَ لَنا أَن نَأتِيَكُم بِسُلطانٍ إِلّا بِإِذنِ اللَّـهِ وَعَلَى اللَّـهِ فَليَتَوَكَّلِ المُؤمِنونَ * وَما لَنا أَلّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّـهِ وَقَد هَدانا سُبُلَنا وَلَنَصبِرَنَّ عَلى ما آذَيتُمونا وَعَلَى اللَّـهِ فَليَتَوَكَّلِ المُتَوَكِّلونَ( [إبراهيم: 8-10]، عندما يطلب من أولئك المؤمنين الصابرين أن يشتروا حياتهم وراحتهم واستقرارهم بنبذ الإيمان والعودة إلى الضلال القديم، يأبون إلا الصمود على الحق وتحمل الأذى في سبيله، فيقولون: )قَدِ افتَرَينا عَلَى اللَّـهِ كَذِبًا إِن عُدنا في مِلَّتِكُم بَعدَ إِذ نَجّانَا اللَّـهُ مِنها وَما يَكونُ لَنا أَن نَعودَ فيها إِلّا أَن يَشاءَ اللَّـهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيءٍ عِلمًا عَلَى اللَّـهِ تَوَكَّلنا  رَبَّنَا افتَح بَينَنا وَبَينَ قَومِنا بِالحَقِّ وَأَنتَ خَيرُ الفاتِحينَ( [الأعراف: 89]، وأساس هذا الثبات والرجاء أن مَرَدَّ الأمور على تطاول الزمن إلى الله، وأنَّه إذا وهب النَّصر فلن يَعترضه أحد، وأنه ناصر جنده لا محالة، وأن الباطل يأخذ جولته ثم يتلاشى، وأن ليس أمام أهل الإيمان إلا التعويل على الله والتأميل فيه، )إِن يَنصُرْكُمُ اللَّـهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ( [آل عمران: 160]، والتوكل على غير الله قصير العمر أو عديم الجدى، أما التعلق بالله فهو ارتباط بالمصدر الدائم للخير، ولذلك خاطب الله نبيه بقوله: )وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ( [الفرقان: 58].

معاشر السادة: إن أصحاب المبادئ، وإن أصحاب الرسالات، وإن أصحاب العقائد؛ عندما يسيرون في طريقهم وهم يحملون بين حناياهم عقيدتهم ومنهجهم القويم، أنهم يدافعون عن عقائدهم، أنهم يدافعون عن أوطانهم، أنهم يدافعون عن مبادئهم؛ تجد هذا الشعور العظيم يتوجونه بالتوكل على الله جل جلاله، لأنهم يدركون أنهم يسيرون في طريق محفوف بالمخاطر ومحفوف بالأشواك والحسد والتنافس والرذائل، فهم يسيرون لا يلتفتون إلى خلفهم أبداً، ولا يلتفتون يمنة ولا يسرة، حتى يصلون إلى هدفهم المنشود، وهو نصرة الحق، فعندما يعيش أصحاب المبادئ وأصحاب الرسالات الكبرى والعظمى في هذا المعنى إذا قامت الدنيا كلها وما قعدت أو قعدت لا يلتفتون إليهم أبداً، إنهم جِبال راسخة، إنهم جبال صماء لا يمكن أن تهزها الرياح الهوجاء والعنيفة والشديدة، لأنهم يُدركون أنهم يسيرون في طريق الحق.

ونحن نجد في هذه السنوات، وقد وجدنا في هذه السنوات العجاف الست، كيف وقف القائد المؤمن بشار الأسد متوكلاً على الله جل جلاله، أمام هذا الحرب شبه الكونية على سوريا، كيف وَقف بجدارة وهو يقول: أنا أؤمن بالله جل جلاله، وأؤمن بأن التوكل على الله لن يخذل أصحابه ولن يضيع أصحابه، فنحن متوكلون على الله لأننا أصحاب حق وأصحاب قضية، لا نبالي إلا ما يقال، ولا نبالي بتلك الأبواق التي تكذب في ليلاها ونهارها، والتي وظيفتها كالطابور الخامس نشر الإشاعات والأكاذيب والأباطيل، عندما يتحلى الرجال العظماء بالتوكل على الله لا يهتزون أبداً، ولا يركعون أبداً، فهم واقفون صامدون مقاومون، حتى ينصرهم الله جل جلاله كما نصر رسله، فإن الرسل قدوة لنا علمنا الله جل جلاله أنه ينصر الحق وأهله ولو بعد حين.

ورأينا أيضاً كيف وقف رجال الله رجال الجيش العربي السوري خلال هذه ست السنوات العجاف القاسية المريرة بكل ما تحمل هذه الكلمات من آلام، وبكل ما تعاني منه هذه الجموع الغفيرة من آلام، نجد هذا الجيش العقائدي وقف ليقول: نحن متوكلون على الله، وقد فُرض علينا أن نقاتل وسنقاتل حتى ينصرنا الله عز وجل، لذلك تجد هذا التوكل الذي تتوج به رجال الله رجال الجيش العربي السوري، وساروا صَامدين في ساحات الوغى وفي السهول وفي الجبال وفي الوديان، تَجدهم غيروا مَوازين القوى في هذا العالم.

وهناك تَوكل آخر تحلى به رجال المصالحات الوطنية، رحم الله كل من اغتالته يد الحقد والغدر والإرهاب والإجرام، من هؤلاء الرجال العظماء، هؤلاء الرجال رجال المصالحات الوطنية، تعرضوا إلى الكثير الكثير من المآسي والآلام، وهم جُنود مجهولون، هناك "رفعت الريس" التي اغتالته يد الإرهاب منذ أيام قليلة في برزة، ذهب ليقول لهم: تعالوا يا أبناء الوطن، تعالوا يا من حملتم السلاح في وجه إخوانكم في وجه اقتصاد وطنكم، تعالوا لنتصالح، تعالوا لنتسامح، تعالوا لنزيل الحقد من قلوبنا، تعالوا لنظهر الإسلام الحقيقي الذي أرسله الله لنا، تعالوا لنبني الوطن يداً بيد، تعالوا لنقف أمام المشردين، تعالوا لنشارك الأطفال اليتامى، تعالوا لنرد المخطوفين، هو وغيره على هذه المقالة، كانت النتيجة أن اغتالوه، وهناك الشهيد اللواء "أحمد الغضبان" رحمه الله تعالى في منطقة وادي بردى، يقول للمسلحين: تعالوا لنفتح المياه إلى مدينة دمشق، حرام عليكم أن تمنعوا نعمة الله عن العباد، حرام عليكم أن تظلموا الأطفال والنساء والشيوخ بمنع المياه، تعالوا لنتصالح، تعالوا لنتسامح، تعالوا لنكون كما أراد الله، تعالوا لنعيش الحياة الجميلة الراقية التي أرادها الله لنا، ما كان منهم إلا أن قنصوه برصاص غدرهم وجبنهم ومكرهم.

وعلى الرغم من ذلك ستبقى وسيبقى قطار المصالحات الوطنية سائراً، وستبقى وسيبقى رجال الله رجال الجيش العربي السوري يَدُكُّون معاقل النصرة وداعش في كل مكان من أرض هذا الوطن الحبيب، لن نخاف، لن نستسلم، لن نجبن، لن نتخاذل، نحن أقوياء بحقنا، نحن أقوياء بديننا، نحن أقوياء بعقيدتنا، نحن أقوياء بعلمنا الوطني، نحن أقوياء بوطننا، نحن أقوياء بقائدنا الصامد الصابر، هذا القائد الذي لو ترك منذ بداية اللحظة لما بقيت أمة عربية ولا إسلامية، لكنه أبى أن يترك وطنه، قال: هنا بيتي، هنا أرضي، هنا نشأت، هنا تربيت، هنا أموت، هنا وطني، لن أرحل.

وإننا مع الأسف لنجد مَن حَرَّض على هذا الوطن، ترك "شارون" القاتل الملعون في قبره، ترك "نتنياهو" الذي احتل فلسطين وهتك أعراضها، ترك "نتنياهو" الذي يجعل المستوطنين اليهود يدخلون بأحذيتهم إلى أقصانا الشيف أولى القبلتين لكي يعربدوا هناك، والعرب صامتون، أين أنتم يا عرب، يا من حملتم عشوة حاقدة وهوجاء وشعواء على القائد بشار الأسد، أين أنتم يا عرب من سلمان أبو جهل، من سلمان بن عبد العزيز، الذي أباد اليمن، ما رأيناكم قلتم: إن هذا قاتل، إن هذا مجرم، أباد شعباً أعزل، ما رأيناكم حاكمتم أو دعوتم إلى محاكمة "جورج بوش" الملعون عندما قال: كانت حربنا على العراق كانت الحرب الخطأ في المكان الخطأ، ما رأيناكم ما رأيناكم دعوتم إلى محاسبة "طوني بلير" الذي قال كانت حربنا على العراق خطأ فادحاً، أين أنتم يا عرب، أين وعيكم يا عرب، أين أنتم أين غيرتكم، أين حبكم لبعضكم البعض، أين صحوتكم يا عرب، بلادنا تقسم، بلادنا تمزق، خيراتنا سرقت ونهبت، ماذا تنتظرون، هؤلاء الخونة الساكتون عن قول كلمة الحق إلى الآن ماذا ينتظرون؟ ماذا ينتظرون؟ الناس عانوا الأمرين من انقطاع المياه عن مدينة دمشق، وكأن الأمر لا يعنينا، المياه مقطوعة عن ملايين البشر في مدينة دمشق، ونحن ننشغل بأمور أظن أننا نُنافق فيها, ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.


 

الخطـــــــــــــــبة الثانيــــــــــــــــــــــــــة:

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حق حمده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك على نور الهدى محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

عباد الله اتقوا الله واعلموا أنكم ملاقوه وأن الله غير غافل عنكم ولا ساه.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ارحمنا فإنك بنا رحيم، ولا تعذبنا فإنك علينا قدير, اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين, اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً مريعاً سحاً غدقاً طبقاً مجللاً إلى يوم الدين, اللهم زدنا ولا تنقصنا وأعطنا ولا تحرمنا, اللهم إنا نسألك أن تنصر رجالك رجال الجيش العربي السوري, وأن تكون لهم معيناً وناصراً في السهول والجبال والوديان, اللهم إنا نسألك أن تنصر المقاومة اللبنانية المتمثلة بحزب الله, وأن تثبت الأرض تحت أقدامهم, وأن تسدد أهدافهم ورميهم يا رب العالمين, اللهم وفق القائد المؤمن والمتوكل عليك إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وخُذ بيده إلى ما تحبه وترضاه، واجعله بِشارة خير ونصر للأمة العربية والإسلامية, )سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1225
تحميل ملفات
فيديو مصور