الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

كلمة الأسبوع

تاريخ النشر 2016-05-22 الساعة 14:12:48
ليلة النصف من شعبان
أ.د علي جمعة

فضّل الله سبحانه وتعالى بعض الأزمان على بعض، ومن هذه الليالي الفضلى ليلة النصف من شعبان، حينما تقرر فيها الاستجابة لمناجاة رسول الله ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا﴾ ، واستجاب الله له فوجهه إلى محل نظر الله، إلى الكعبة المشرفة، إلى البيت الذي أرشد الله إليه الملائكة، وأرشد إليه آدم، وأرشد إليه إبراهيم، حتى يختم أنبيائه بنبينا ، في هذه الليلة، فرق الله فيها بين عصر وعصر، وبين مرحلة ومرحلة، فدخل المسلمون مرحلة جديدة في حياتهم.
في الحديث: أن الله يغفر في هذه الليلة عددًا كبيرًا، عبر عنه رسول الله للسيدة عائشة عندما افتقدته فوجدته في البقيع في الليل، وهو يقول لها: «إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا، فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب». . وكلب قبيلة مشهورة بكثرة الغنم، وتخيل معي إذا كانت قبيلة كبيرة عندها عشرات الأغنام حتى توصف بأنها من أكبر القبائل المالكة للغنم، أو أنها تملك مئات الأغنام، كثير من العرب كان يملك مئات الأغنام؛ حتى إن نصاب الغنى عندهم بدأ من أربعين شاة، وهي حد الزكاة؛ ولذلك فالمائة قليلة. 
إذن، فقبيلة كلب كانت تمتلك آلاف الأغنام، وإذا أتيت في تجربة عجيبة، فأخذت شاة، وعددت ما فيها من شعر، فكم سيبلغ هذا الشعر؟ إنه سيصل بآلاف الآلاف، فإذا ضربت الآلاف في الآلاف في الآلاف صارت مليارات.
إذن، فهذه قد تصل إلى عدد لم تصل إليه البشرية، وقد لا تصل إليه قط، إذا كنا سبعة مليار وفينا المسلم، وفينا الكافر، والمسلمون لا يتجاوزون المليار ونصف، فما هذا العدد الضخم؟ إنها كناية من رسول الله على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى، ربنا واسع، وربنا غفور، ولا يريد منك إلا مصلحتك، هيا بك والنبي يرسم لك وظائف هذه الليلة، ووظائف نهارها غدًا، فيقول: «فمن قام ليلها، وصام نهارها، غفر الله له، وأعطاه سؤله». فالمسألة يسيرة على من يسرها الله عليه، وإذا راجعنا كلام أهل الله في كيفية القيام، قالوا: إن قيام الليل يبدأ بحضور جماعة العشاء وجماعة الفجر، فمن حضر جماعة العشاء وجماعة الفجر، فكأنه دخل في أول مستوى من مستويات قيام تلك الليلة، أو أي ليلة كريمة، بدايتها حضور صلاة العشاء جماعة في المسجد، مع حضور جماعة الفجر في المسجد، هذه هي البداية، ونهايتها أن تقوم تلك الليلة كلها، ووظائف هذا القيام تتمثل في قراءة القرآن، ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾، ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا﴾. 
ومن وظائف هذه الليلة: ذكر الله، ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ ، وعلمنا رسول الله كيف نذكر ربنا، علمنا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، نكررها ونعيدها، فقد كان يقول: «إني أستغفر الله في اليوم مائة مرة». وأهل الله أطلقوا على هذه الخمسة: الباقيات الصالحات؛ لأنها هي التي تبقى للإنسان بعد رحيله من هذا الدكان، فبعد رحيل السكان من الدكان، تبقى الباقيات الصالحات، نورًا في القبر، وضياءً يوم القيامة، وذكرًا في الملأ الأعلى.
ومن وظائف هذه الليلة: الدعاء، والمناجاة، عش مع ربك وناجه . وفي النهار صم، ففي القيام والصيام قربى إلى الله سبحانه وتعالى، وإشارة إلى بداية جديدة لعام جديد، نستقبل فيه رمضان، فالنبي قال: «إذا انتصف شعبان فلا صيام»، حتى إن الشافعي رضي الله تعالى عنه حرم الصيام لغير قضاء، ولغير من كانت له عادة أن يصوم إذا انتصف شعبان، من أجل هذا الحديث النبوي الشريف. 
ولكن يقول رسول الله : «إن الله يطلع على قلوب العباد ليلة النصف من شعبان، فيغفر للجميع إلا للمشاحن». لمن قطع رحمه، لمن عق والديه، لمن خاصم جاره، لمن ظلم الناس واغتصب أرضهم، لمن أفسد في الأرض، فعلينا بالتوبة. 
وفي رواية: «أو لمدمن خمر»؛ ولذلك من كان يشرب تلك المسكرات، والعياذ بالله تعالى، أعاذنا الله منها جميعًا، فعليه أن يقلع وأن يبدأ التوبة مع الله، حتى لو كان يفعل ذلك استهانة بالأمر، أو رجاء في عفو الله، أو غفلة عن الحكم الشرعي الشريف، فعليه في هذه الليلة أن يخرج عن حد الشحناء والبغضاء، وأن يخرج عن حد الاستهانة بأحكام الله سبحانه وتعالى.

أضف تعليقك عدد التعليقات : 0 عدد القراءات : 1549

هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *

أدخل الرمز : *