الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024 , آخر تحديث : 2024-03-11 13:07:01 الرئيسية   |   خريطة الموقع   |   المساعدة   |   اتصل بنا  
http://www.awqaf-damas.com/?page=category&category_id=368&lang=ar

وصف تاريخي

تاريخ النشر 2012-01-23 الساعة 07:46:49
الوصف التاريخي للجامع الأموي الكبير
إدارة التحرير
وله أربعة أبواب : (باب) قبلي ويعرف بباب الزيادة ؛ وله دهليز كبير متسع له أعمدة عظام ، وفيه حوانيت للخرزيين وسواهم ، وله مرأى رائع ومنه يفضي إلى داخل الخيل ، وعن يسار الخارج منه سماط الصفارين وهي كانت دار معاوية رضي الله عنه وتعرف بالخضراء .
 
(وباب) شرقي هو أعظم الأبواب ويعرف بباب النوفرة ، و(باب) غربي ويعرف بباب البريد ، و(باب) شمالي ويُعرف بباب الناطفيين وللشرقي والغربي والشمالي أيضاً من هذه الأبواب دهاليز متسعة ويفضي كل دهليز منها إلى باب عظيم ، وأعظمها منظراً الدهليز المتصل بباب النوفرة ،  يخرج من هذا الباب إلى بلاط طويل عريض قد قامت أمامه خمسة أبواب مقوّسة لها ستة أعمدة طوال ، وفي وجه اليسار منه مشهد كبير حفيل ،  وبإزائه مسجد صغير ينسب لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، وبذلك المشهد ماء جار ، وقد انتظمت أمام البلاط أدراج ينحدر عليها الدهليز وهو كالخندق العظيم يتصل إلى باب عظيم الارتفاع ينحسر الطرف دونه سمواً وقد حفّته أعمدة كالجذوع طولاّ وكالأطواد ضخامةً ، وبجانبي هذا الدهليز أعمدة قد قامت عليها شوارع مستديرة فيها الحوانيت المنتظمة للعطارين وسواهم وعليها شوارع أخرى مستطيلة فيها الحجر والبيوت للكراء مشرفة على الدهليز وفوقها سطح يبيت به سكان الحجر والبيوت ، وفي وسط الدهليز حوض كبير مستدير من الرخام عليه قبة تقلها أعمدة من الرخام ويستدير بأعلاها طرة من الرصاص واسعة مكشوفة للهواء ، وفي وسط الحوض الرخامي أنبوب صفر يزعج الماء بقوة فيرتفع إلى الهواء أزيد من القامة وحوله أنابيب صغار ترمي الماء إلى علو فيخرج عنها كقضبان اللجين فكأنها أغصان تلك الدوحة المائية ومنظرها أعجب وأبدع من أن يلحقه الوصف .
 
وعن يمين الخارج من باب النوفرة في جدار البلاط الذي أمامه غرفة ، ولها هيئة طاق كبير مستدير فيه طيقان صفر فتحت أبواباً صغاراً على عدد ساعات النهار ، وقد دبرت تدبيراً هندسياً ، فعند انقضاء ساعة من النهار تسقط صنجتان من صفر من فم بازيين مصورين من صفرة قائمين على طاستين من صفر تحت كل واحد منهما طاستان إحداهما تحت أول باب من تلك الأبواب والثانية تحت آخرها ؛ والطاستان مثقوبتان فعند وقوع البندقتين فيهما تعودان داخل الجدار إلى الغرفة وتبصر البازيين يمدان أعناقهما بالبندقتين إلى الطاستين ويقذفانهما بسرعة بتدبير عجيب تتخيلة الأوهام سحراً وعند وقوع البندقتين في الطاستين يُسمع لهما دوي وينغلق الباب الذي هو لتلك الساعة للحين يلوح من الصفر لايزال كذلك عند كل انقضاء ساعة من النهار حتى تتغلق الأبواب كلها وتنقضي الساعات ثم تعود إلى حالها الأول ، ولها بالليل تدبير آخر وذلك في أن في القوس المتعطف على الطيقان المذكورة اثنتا عشرة دائرة من النحاس مخرومة ، وتعترض في كل دائرة زجاجة من داخل الجدار في الغرفة مدبّر ذلك كله منها خلف الطيقان المذكورة وخلف الزجاجة مصباح يدور به الماء على ترتيب مقدار الساعة ، فإذا انقضت عم الزجاجة ضوء المصباح وفاض على الدائرة أمامها شعاعها فلاحت للأبصار دائرة محمرة ثم انتقل ذلك إلى الأخرى حتى تنقضي ساعات الليل وتحمر الدوائر كلها ، وقد وكّل بها في الغرفة متفقد لحالها درب بشأنها وانتقالها يعيد فتح الأبواب وصرف الصنج إلى موضعها وهي التي يسميها الناس المنجانة .
 
ودهليز الباب الغربي فيه حوانيت البقالين والعطارين ،وفيه سماط لبيع الفواكه ، وفي أعلاه باب عظيم يصعد إليه على أبراج وله أعمدة سامية في الهواء وتحت أبراج سقايتان مستديرتان سقاية يميناً وسقاية يساراً لكل سقاية خمسة أنابيب ترمي الماء في حوض رخام مستطيل .
 
ودهليز الباب الشمالي فيه زوايا على مساطب محدقة بالأعواد هي محاضر لمعلمي الصبيان ، وعن يمين الخارج في الدهليز خانقة مبنية للصوفية في وسطها صهريج يقال إنها كانت دار عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه والصهريج الذي في وسطها يجري الماء فيه ولها مطاهر يجري الماء في بيوتها ، وعن يمين الخارج أيضاً من باب البريد مدرسة للشافعية في وسطها صهريج يجري الماء فيه ولها مطاهر على الصفة المذكورة وفي الصحن بين القباب المذكورة عمودان متباعدان لهما رأسان من الصفر مستطيلان قد خرما أحسن تخريم يُسرَجن ليلة النصف من شعبان فيلوحان كأنهما ثريتان مشتعلتان .
 
وفي هذا الجامع المبارك مجتمع عظيم كل يوم إثر صلاة الصبح لقراءة سبع من القرآن دائماً ومثله إثر صلاة العصر لقراءة تسمى الكوثرية يقرؤون فيها من سورة الكوثر إلى الخاتمة ويحضر في هذا المجتمع الكوثري كل من لايجيد حفظ القرآن ، وللمجتمعين على ذلك إجراء كل يوم يعيش منه أزيد من خمسمائة إنسان وهذا من مفاخر هذا الجامع المكرم فلا تخلو القراءة منه صباحاً ولا مساءً .
 
وفيه حلقات للتدريس للطلبة وللمدرسين ؛ فيها إجراء واسع وللمالكية زاوية للتدريس على الجانب الغربي يجتمع فيه المغاربة ولهم إجراء معلوم ومرافق هذا الجامع المكرم للغرباء وأهل الطلب كثيرة واسعة وأغرب مايحدث به أن سارية من سواريه هي بين المقصورتين القديمة والحديثة لها وقف معلوم يأخذه المستند إليه للمذاكرة والتدريس أبصرنا بها فقيهاً من أهل إشبيلية يُعرف بالمرادي وعند فراغ المجتمع السبعي من القراءة صباحاً يستند كل إنسان منهم إلى سارية ويجلس أمامه صبي يلقنه القرآن ، وللصبيان أيضاً على قراءتهم جراية معلومة فأهل الجدة من الآباء ينزهون أبناءهم عن أخذها وسائرهم يأخذونها وهذا من المفاخر الإسلامية وللأيتام من الصبيان محضرة كبيرة بالبلد لها وقف كبير يأخذ منه المعلم له مايقوم به وينفق منه على الصبيان ما يقوم بهم وبكسوتهم ، وهذا أيضاً من أغرب ما يحدث به من مفاخر هذه البلاد وتعليم الصبيان للقرآن بهذه البلاد المشرقية كلها إنما هو تلقين ويعلمون الخط في الأشعار وغيرها تنزيها لكتاب الله عز وجل عن ابتذال الصبيان له بالإثبات والمحو ، وقد يكون في أكثر البلاد الملقن على حدة والمكتب على حدة فينفصل من التلقين إلى التكتيب لهم في سيرة حسنة ولذلك ما يتأتى لهم حسن الخط لأن المعلم له لايشتغل بغيره فهو يستفرغ جهده في التعليم والصبي في التعلم كذلك ويسهل عليه لأنه بتصوير يحذو حذوه .
ويستدير بهذا الجامع المكرم أربع سقايات في كل جامع سقاية ، كل واحدة منها كالدار الكبيرة محدقة بالبيوت الخلائية والماء يجري في كل بيت منها وبطول صحنها حوض من الحجر مستطيل تصب فيه عدة أنابيب منتظمة بطوله ، وإحدى هذه السقايات في دهليز باب النوفرة وهي أكبرها وفيها من البيوت نيّف عن الثلاثين ، وفيها زائداً على السقاية المستطيلة مع جدارها حوضان كبيران مستديران يكادان يمسكان لسعتهما عرض الدار المحتوية على هذه السقاية والواحد بعيد عن الآخر ، ودور كل واحد منها نحو الأربعين شبراً والماء نابع فيهما ، والثانية في دهليز باب الناطفيين بإزاء المعلمين ، والثالثة عن يسار الخارج من باب البريد والرابعة عن يمين الخارج من باب الزيادة .
وفيه مشهد يحيى بن زكريا عليه السلام وعليه تابوت خشب معترض من الأسطوانة وفوقه قنديل كأنه من بلّور مجوّف كأنه القدح الكبير .
1  2  3  4